التفاسير

< >
عرض

فَٱلْمُلْقِيَٰتِ ذِكْراً
٥
عُذْراً أَوْ نُذْراً
٦
إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَوَٰقِعٌ
٧
فَإِذَا ٱلنُّجُومُ طُمِسَتْ
٨
وَإِذَا ٱلسَّمَآءُ فُرِجَتْ
٩
وَإِذَا ٱلْجِبَالُ نُسِفَتْ
١٠
وَإِذَا ٱلرُّسُلُ أُقِّتَتْ
١١
لأَيِّ يَوْمٍ أُجِّلَتْ
١٢
لِيَوْمِ ٱلْفَصْلِ
١٣
وَمَآ أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ ٱلْفَصْلِ
١٤
وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ
١٥
أَلَمْ نُهْلِكِ ٱلأَوَّلِينَ
١٦
ثُمَّ نُتْبِعُهُمُ ٱلآخِرِينَ
١٧
كَذَلِكَ نَفْعَلُ بِٱلْمُجْرِمِينَ
١٨
وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ
١٩
أَلَمْ نَخْلُقكُّم مِّن مَّآءٍ مَّهِينٍ
٢٠
فَجَعَلْنَاهُ فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ
٢١
إِلَىٰ قَدَرٍ مَّعْلُومٍ
٢٢
فَقَدَرْنَا فَنِعْمَ ٱلْقَادِرُونَ
٢٣
-المرسلات

لباب التأويل في معاني التنزيل

الوجه الرابع: أنه ليس المراد من هذه الكلمات الخمس شيئاً واحداً بعينه فعلى هذا يكون المراد بقوله تعالى: { { والمرسلات عرفاً فالعاصفات عصفاً والناشرات نشراً } [المرسلات: 1-3] الرياح ويكون المراد بقوله { فالفارقات فرقاً فالملقيات ذكراً } الملائكة.
فإن قلت وما المجانسة بين الرياح والملائكة حتى جمع بينهما في القسم قلت الملائكة روحانيون فهم بسبب لطافتهم، وسرعة حركاتهم شابهوا الرياح فحصلت المجانسة بينهما من هذا الوجه فحسن الجمع بينهما في القسم عذراً أو نذراً أي للإعذار والإنذار من الله، وقيل عذراً من الله ونذراً منه إلى خلقه، وهذه كلها أقسام وجواب القسم قوله تعالى: { إن ما توعدون } أي من أمر الساعة ومجيئها { لواقع } أي لكائن نازل لا محالة، وقيل معناه إن ما توعدون به من الخير والشر لواقع بكم. ثم ذكر متى يقع فقال تعالى: { فإذا النجوم طمست } أي محي نورها وقيل محقت { وإذا السماء فرجت } أي شقت وقيل فتحت { وإذا الجبال نسفت } أي قلعت من أماكنها { وإذا الرسل أقتت } وقرىء وقتت بالواو ومعناهما وأحد أي جمعت لميقات يوم معلوم، وهو يوم القيامة ليشهدوا على الأمم { لأي يوم أجلت } أي أخرت وضرب الأجل لجميعهم كأنه تعالى يعجب لعباده من تعظميم ذلك اليوم، والمعنى جمعت الرسل في ذلك اليوم لتعذيب من كذبهم وتعظيم من آمن بهم، ثم بين ذلك اليوم فقال تعالى: { ليوم الفصل } قال ابن عباس يوم فصل الرحمن فيه بين الخلائق ثم أتبع ذلك تعظيماً وتهويلاً فقال تعالى: { وما أدراك ما يوم الفصل } أي وما أعلمك بيوم الفصل وهو له وشدته { ويل يومئذ للمكذبين } أي بالتوحيد والنبوة والمعاد والبعث والحساب.
قوله تعالى: { ألم نهلك الأولين } يعني الأمم الماضية بالعذاب في الدنيا حين كذبوا رسلهم { ثم نتبعهم الآخرين } يعني السالكين سبيلهم في الكفر والتكذيب، وهم كفار قريش، أي نهلكهم بتكذيبهم محمداً صلى الله عليه وسلم { كذلك نفعل بالمجرمين } أي إنما نفعل بهم ذلك لكونهم مجرمين { ويل يومئذ للمكذبين ألم نخلقكم من ماء مهين } يعني النطفة { فجعلناه في قرار مكين } يعني الرحم { إلى قدر معلوم } يعني وقت الولادة وهو معلوم لله تعالى لا يعلم ذلك غيره { فقدرنا } قرىء بالتشديد من التقدير، أي قدرنا ذلك تقديراً { فنعم القادرون } أي المقدرون له وقرىء بالتخفيف من القدرة، أي قدرنا على خلقه، وتصويره كيف شئنا فنعم القادرون حيث خلقناه في أحسن صورة وهيئة.