التفاسير

< >
عرض

وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتاً
٩
وَجَعَلْنَا ٱلَّيلَ لِبَاساً
١٠
وَجَعَلْنَا ٱلنَّهَارَ مَعَاشاً
١١
وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعاً شِدَاداً
١٢
وَجَعَلْنَا سِرَاجاً وَهَّاجاً
١٣
وَأَنزَلْنَا مِنَ ٱلْمُعْصِرَاتِ مَآءً ثَجَّاجاً
١٤
لِّنُخْرِجَ بِهِ حَبّاً وَنَبَاتاً
١٥
وَجَنَّاتٍ أَلْفَافاً
١٦
إِنَّ يَوْمَ ٱلْفَصْلِ كَانَ مِيقَاتاً
١٧
يَوْمَ يُنفَخُ فِي ٱلصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْوَاجاً
١٨
-النبأ

لباب التأويل في معاني التنزيل

{ وجعلنا نومكم سباتاً } أي راحة لأبدانكم وليس الغرض أن السبات للراحة بل المقصود منه أن النوم يقطع التعب ويزيله، ومع ذلك تحصل الراحة، وأصل السبت القطع، ومعناه أن النوم يقطع عن الحركة والتصرف في الأعمال { وجعلنا الليل لباساً } أي غطاء وغشاء يستر كل شيء بظلمته عن العيون، ولهذا سمي الليل لباساً على وجه المجاز، ووجه النعمة في ذلك هو أن الإنسان يستتر بظلمة الليل عن العيون إذا أراد هرباً من عدو ونحو ذلك. { وجعلنا النهار معاشاً } أي سبباً للمعاش والتصرف في المصالح وقال ابن عباس تبتغون فيه من فضل الله وما قسم لكم من رزقه { وبنينا فوقكم سبعاً شداداً } يعني سبع سموات محكمة ليس يتطرق عليها شقوق ولا فطور على ممر الزمان إلى أن يأتي أمر الله تعالى: { وجعلنا سراجاً وهاجاً } يعني الشمس مضيئة منيرة، وقيل الوهاج الوقاد، وقيل جعل في الشمس حرارة ونوراً والوهج يجمع النور والحرارة { وأنزلنا من المعصرات } يعني الرياح التي تعصر السحاب. وهي رواية عن ابن عباس: وقيل هي الرياح ذوات الأعاصير، وعلى هذا المعنى تكون من بمعنى الباء، أي وأنزلنا بالمعصرات، وذلك لأن الريح تستدر المطر من السّحاب، وقيل هي السحاب وفي الرواية الأخرى عن ابن عباس المعصرات السّحابة التي حان لها أن تمطر، ولما تمطر وقيل المعصرات المغيثات والعاصر هو الغيث، وقيل المعصرات السّموات، وذلك لأن المطر ينزل من السّماء إلى السحاب { ماء ثجاجاً } أي صباباً مدراراً متتابعاً يتلو بعضه بعضاً، ومنه الحديث "أفضل الحج العج والثج" ، أي رفع الصوت بالتلبية وصب دماء الهّدى { لنخرج به } أي بذلك الماء { حباً } أي ما يأكله الإنسان كالحنطة ونحوها { ونباتاً } أي ما ينبت في الأرض من الحشيش مما يأكل منه الأنعام { وجنات ألفافاً } أي ملتفة بالشجر ليس بينها خلال فدل على البعث بذكر ابتداء الخلق ثم أخبر عنه بقوله تعالى: { إن يوم الفصل } أي الحساب { كان ميقاتاً } أي لما وعده الله من الثواب والعقاب وقيل ميقاتاً يجمع فيه الخلائق ليقضي بينهم { يوم ينفخ في الصور } يعني النفخة الأخيرة { فتأتون أفواجاً } يعني زمراً زمراً من كل مكان للحساب.