التفاسير

< >
عرض

قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ وَاجِفَةٌ
٨
أَبْصَارُهَا خَاشِعَةٌ
٩
يَقُولُونَ أَإِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي ٱلْحَافِرَةِ
١٠
أَإِذَا كُنَّا عِظَاماً نَّخِرَةً
١١
قَالُواْ تِلْكَ إِذاً كَرَّةٌ خَاسِرَةٌ
١٢
فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ
١٣
فَإِذَا هُم بِٱلسَّاهِرَةِ
١٤
-النازعات

لباب التأويل في معاني التنزيل

{ قلوب يومئذ واجفة } { { يوم ترجف الراجفة } [النازعات: 8] يعني النفخة الأولى يتزلزل ويتحرك لها كل شيء، ويموت منها جميع الخلق { تتبعها الرادفة } يعني النفخة الثانية ردفت الأولى وبينهما أربعون سنة، وقال قتادة: هما صيحتان فالأولى تميت كل شيء، والأخرى تحيي كل شيء بإذن الله عز وجلّ وقيل الرّاجفة التي تزلزل الأرض، والجبال والرادفة التي تشق السماء، وقيل الراجفة القيامة والرّادفة البعث يوم القيامة روى البغوي بسند الثعلبي عن أبي بن كعب قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ذهب ربع اللّيل قام وقال: أيّها الناس اذكروا الله جاءت الراجفة تتبعها الرادفة جاء الموت بما فيه" .
قوله عز وجل: { قلوب يومئذ واجفة } أي خافقة قلقة مضطربة، وقيل وجله زائلة عن أماكنها { أبصارها خاشعة } أي أبصار أهلها خاشعة ذليلة، والمراد بها الكفار بدليل قوله تعالى { يقولون } يعني المنكرين للبعث إذا قيل لهم إنكم مبعوثون بعد الموت. { أئنا لمردودون في الحافرة } يعني أنرد إلى أول الحال، وابتداء الأمر فنصير أحياء بعد الموت كما كنا أول مرة والعرب تقول رجع فلان في حافرته، أي رجع من حيث جاء فالحافرة عنده اسم لابتداء الشيء وأول الشيء ويقال رجع فلان في حافرته أي في طريقه الذي جاء منه يحفره بمشيئته، فحصل بأثر قدميه حفر فهي محفورة في الحقيقة، وقيل الحافرة الأرض التي تحفر فيها قبورهم سميت حافرة لأنها يستقر عليها الحافر، والمعنى أئنا لمردودون إلى الأرض فنبعث خلقاً جديداً نمشي عليها، وقيل الحافرة النار { أئذا كنا عظاماً نخرة } أي بالية وقرىء ناخرة وهما بمعنى، وقيل الناخرة المجوفة التي يمر فيها الريح فتنخر أي توصت { قالوا } يعني المنكرين للبعث إذا عاينوا أهوال القيامة { تلك إذاً كرة خاسرة } أي رجعة غابنة يعني إن رددنا بعد الموت لنخسرن بما يصيبنا بعد الموت. { فإنما هي } يعني النفخة الأخيرة { زجرة واحدة } أي صيحة واحدة يجمعون بها جميعاً { فإذا هم بالساهرة } يعني وجه الأرض سميت ساهرة لأن عليها نوم الحيوان وسهرهم، وقيل هي التي كثر الوطء عليها كأنها سهرت، والمعنى أنهم كانوا في بطن الأرض. فلما سمعوا الصيحة صاروا على وجهها، وقيل هي أرض الشام وقيل أرض القيامة، وقيل هي أرض جهنم.