التفاسير

< >
عرض

إِذَا ٱلشَّمْسُ كُوِّرَتْ
١
وَإِذَا ٱلنُّجُومُ ٱنكَدَرَتْ
٢
وَإِذَا ٱلْجِبَالُ سُيِّرَتْ
٣
وَإِذَا ٱلْعِشَارُ عُطِّلَتْ
٤
وَإِذَا ٱلْوُحُوشُ حُشِرَتْ
٥
وَإِذَا ٱلْبِحَارُ سُجِّرَتْ
٦
وَإِذَا ٱلنُّفُوسُ زُوِّجَتْ
٧
-التكوير

لباب التأويل في معاني التنزيل

قوله عز وجل: { إذا الشّمس كورت } قال ابن عباس: أظلمت، وغورت، وقيل اضمحلت، وقيل لفت كما تلف العمامة، وأصل التكوير جمع بعض الشيء إلى بعض ومعناه أن الشّمس يجمع بعضها إلى بعض، ثم تلف فإذا فعل بها ذلك ذهب ضوءها، قال ابن عباس: يكور الله الشّمس، والقمر، والنّجوم يوم القيامة في البحر، ثم يبعث عليها ريحاً دبوراً فتضربها فتصير ناراً. (خ) عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الشّمس والقمر يكوران يوم القيامة" قيل إن الشّمس، والقمر، جمادان فإلقاؤهما في النّار يكون سبباً لازدياد الحر في جهنم. { وإذا النّجوم انكدرت } أي تناثرت من السماء، وسقطت على الأرض. قال الكلبي وعطاء: تمطر السّماء يومئذ نجوماً، فلا يبقى نجم إلا وقع { وإذا الجبال سيرت } أي عن وجه الأرض، فصارت هباء منثوراً. { وإذا العشار عطلت } يعني النوق الحوامل التي أتى عليها عشرة أشهر من حملها، واحدتها عشراء، ثم لا يزال ذلك اسمها حتى تضع لتمام سنة، وهي أنفس مال عند العرب فإذا كان ذلك اليوم عطلت، وتركت هملاً بلا راع أهملها أهلها، وقد كانوا لازمين لأذنابها ولم يكن مال أعجب إليهم منها لما جاءهم من أهوال يوم القيامة. { وإذا الوحوش } يعني من دواب البر { حشرت } أي جمعت يوم القيامة ليقتص لبعضها من بعض. وقال ابن عباس: حشرها موتها قال: وحشر كل شيء موته غير الجن والإنس، فإنهما يوقفان يوم القيامة. { وإذا البحار سجرت } قال ابن عباس: أوقدت فصارت ناراً تضطرم، وقيل فجر بعضها في بعض العذاب، والملح حتى صارت البحار كلها بحراً واحداً وقيل صارت مياهها من حميم أهل النّار، وقيل سجرت أي يبست، وذهب ماؤها فلم تبق فيها قطرة.
قال أبي بن كعب: ست آيات قبل يوم القيامة، بينما النّاس في أسواقهم إذ ذهب ضوء الشّمس، فبينما هم كذلك إذ وقعت الجبال على الأرض، فبينما هم كذلك إذ تناثرت النّجوم فتحركت، واضطربت، وفزعت الإنس، والجن، واختلطت الدّواب، والطّير، والوحش، وماج بعضهم في بعض. فذلك قوله تعالى: { إذا الشّمس كورت وإذا النّجوم انكدرت وإذا الجبال سيرت وإذا العشار عطلت وإذا الوحوش حشرت وإذا البحار سجرت } فحينئذ تقول الجن للإنس: نحن نأتيكم بالخبر، فينطلقون إلى البحر، فإذا هو نار تأجج، فبينما هم كذلك إذ انصدعت الأرض صدعة واحدة إلى الأرض السابعة السفلى، وإلى السماء السابعة العليا، فبينما هم كذلك إذ جاءتهم ريح فأماتتهم، وعن ابن عباس قال: هي اثنتا عشرة خصلة ستة في الدنيا، وستة في الآخرة، وهي ما ذكر بعد هذه. وهو قوله تعالى: { وإذا النفوس زوجت } روى النعمان بن بشير عن عمر بن الخطاب أنه سئل عن هذه الآية، فقال: يقرن بين الرّجل الصّالح مع الرجل الصالح في الجنة، ويقرن بين الرجل السّوء مع الرجل السوء في النّار، وقيل ألحق كل امرىء بشيعته اليهود باليهود، والنصارى بالنصارى، وقيل يحشر الرجل مع صاحب عمله، وقيل زوّجت النّفوس بأعمالها، وقيل زوّجت نفوس المؤمنين بالحور العين، وقرنت نفوس الكافرين بالشّياطين، وقيل معنى زوّجت ردت الأرواح إلى الأجساد.