التفاسير

< >
عرض

ٱلَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ
٧
فِيۤ أَيِّ صُورَةٍ مَّا شَآءَ رَكَّبَكَ
٨
كَلاَّ بَلْ تُكَذِّبُونَ بِٱلدِّينِ
٩
وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ
١٠
كِرَاماً كَاتِبِينَ
١١
يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ
١٢
إِنَّ ٱلأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ
١٣
وَإِنَّ ٱلْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ
١٤
يَصْلَوْنَهَا يَوْمَ ٱلدِّينِ
١٥
-الانفطار

لباب التأويل في معاني التنزيل

{ الذي خلقك } أي أوجدك من العدم إلى الوجود { فسواك } أي جعلك سوياً سالم الأعضاء، تسمع وتبصر { فعدلك } أي عدل خلقك في مناسبة الأعضاء فلم يجعل بعضها أطول من بعض، وقيل معناه جعلك قائماً معتدلاً حسن الصّورة، ولم يجعلك كالبهيمة المنحنية { في أي صورة ما شاء ركبك } أي في أي شبه من أب أو أم أو خال أو عم، وجاء في الحديث "إن النطفة إذا استقرت في الرحم أحضر كل عرق بينه وبين آدم ثم قرأ: { في أي صورة ما شاء ركبك }" ، وقيل معناه إن شاء ركبك في صورة إنسان، وإن شاء في صورة دابة أو حيوان، وقيل في أي صورة ما شاء ركبك من الصور المختلفة بحسب الطول، والقصر، والحسن، والقبح والذكورة، والأنوثة، وفي هذه دلالة على قدرة الصانع المختار القادر. وذلك أنه لما اختلفت الهيئات، والصفات دل ذلك على كمال القدرة، واتساع الصنعة، وأن المدبر المختار هو الله تعالى.
قوله عز وجل: { كلا بل تكذبون بالدين } أي بيوم الحساب والجزاء { وإن عليكم لحافظين } يعني رقباء من الملائكة يحفظون عليكم أعمالكم { كراماً } أي على الله { كاتبين } أي يكتبون أقوالكم وأعمالكم { يعلمون ما تفعلون } يعني من خير أو شر. قوله عز وجل { إن الأبرار } يعني الذين بروا وصدقوا في إيمانهم بأداء ما افترض الله عليهم، واجتناب معاصيه. { لفي نعيم } يعني نعيم الجنة { وإن الفجار لفي جحيم } روي أن سليمان بن عبد الملك قال: لأبي حازم المزني ليت شعري ما لنا عند الله، فقال له: اعرض عملك على كتاب الله، فإنك تعلم ما لك عند الله، قال: أين أجد ذلك في كتاب الله؟ قال: عند قوله { إن الأبرار لفي نعيم وإن الفجار لفي جحيم } قال سليمان فأين رحمة الله قال قريب من المحسنين { يصلونها يوم الدين } يعني يوم القيامة لأنه يوم الجزاء.