التفاسير

< >
عرض

وَمَآ أَدْرَاكَ مَا سِجِّينٌ
٨
كِتَابٌ مَّرْقُومٌ
٩
وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ
١٠
ٱلَّذِينَ يُكَذِّبُونَ بِيَوْمِ ٱلدِّينِ
١١
وَمَا يُكَذِّبُ بِهِ إِلاَّ كُلُّ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ
١٢
إِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ ٱلأَوَّلِينَ
١٣
كَلاَّ بَلْ رَانَ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ مَّا كَانُواْ يَكْسِبُونَ
١٤
-المطففين

لباب التأويل في معاني التنزيل

{ وما أدراك ما سجين } أي ليس ذلك مما كنت تعلمه أنت، ولا قومك، وقيل إنما قال ذلك تعظيماً لأمر سجين { كتاب مرقوم } ليس هذا تفسيراً للسجن وإنما هو بيان للكتاب المذكور في قوله { { إن كتاب الفجار } [المطففين: 7] والمعنى إن كتاب الفجار مرقوم أي مكتوب فيه أعمالهم مثبتة عليهم كالرقم في الثّوب لا ينسى ولا يمحى حتى يحاسبوا به، ويجازوا عليه، وقيل مرقوم رقم عليه بشر كأنه علم بعلامة يعرف بها أنه كافر، وقيل مرقوم أي مختوم وهو بلغة حمير { ويل يومئذ للمكذبين } قيل إنه متصل بقوله يوم يقوم النّاس لرب العالمين ومعنى الآية ويل لمن كذب بهذا اليوم، وقيل معناه مرقوم بالشّقاوة، ثم قال ويل يومئذ للمكذبين أي في ذلك اليوم من ذلك الكتاب المرقوم عليهم بالشقاوة { الذين يكذبون بيوم الدين } أي بيوم القيامة لأنه يوم الجزاء { وما يكذب به } أي بيوم القيامة { إلا كل معتد } أي متجاوز عن نهج الحق { أثيم } هو مبالغة في الآثم وهو المرتكب الإثم والمعاصي { إذا تتلى عليه آياتنا قال أساطير الأولين } أي أكاذيب الأولين.
قوله عز وجل: { كلا } أي لا يؤمن ثم استأنف فقال { بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون } عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال
"إن العبد إن أخطأ خطيئة نكت في قلبه نكتة فإذا هو نزع واستغفر وتاب صقل قلبه وإن عاد زيد فيها حتى تعلو قلبه، وهو الران الذي قال الله: { بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون }" أخرجه التّرمذي وقال: حديث حسن صحيح وأصل الرّان الغلبة ومعنى الآية أن الذّنوب والمعاصي غلبت على قلوبهم وأحاطت بها، وقيل هو الذنب على الذّنب حتى يميت القلب وقال ابن عباس: ران على قلوبهم طبع عليها، وقيل الرين أن يسود القلب من الذّنوب، والطّبع أن يطبع على القلب وهو أشد من الرّين والإقفال أشد من الطّبع وقيل الرّين التغطية، والمعنى أنه يغشى القلب شيء كالصدى فيغطيه فعند ذلك يموت القلب.