التفاسير

< >
عرض

فَجَعَلَهُ غُثَآءً أَحْوَىٰ
٥
سَنُقْرِئُكَ فَلاَ تَنسَىٰ
٦
إِلاَّ مَا شَآءَ ٱللَّهُ إِنَّهُ يَعْلَمُ ٱلْجَهْرَ وَمَا يَخْفَىٰ
٧
وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرَىٰ
٨
فَذَكِّرْ إِن نَّفَعَتِ ٱلذِّكْرَىٰ
٩
سَيَذَّكَّرُ مَن يَخْشَىٰ
١٠
وَيَتَجَنَّبُهَا ٱلأَشْقَى
١١
ٱلَّذِى يَصْلَى ٱلنَّارَ ٱلْكُبْرَىٰ
١٢
ثُمَّ لاَ يَمُوتُ فِيهَا وَلاَ يَحْيَا
١٣
قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّىٰ
١٤
-الأعلى

لباب التأويل في معاني التنزيل

{ فجعله } يعني المرعى بعد الخضرة { غثاء } أي هشيماً يابساً بالياً كالغثاء الذي تراه فوق السيل. { أحوى } أي أسود بعد الخضرة، وذلك أن الكلأ إذا جف ويبس سود.
قوله عزّ وجلّ: { سنقرئك } أي نعلمك القرآن بقراءة جبريل عليك. { فلا تنسى } يعني ما يقرأ عليك، وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا نزل جبريل بالوحي، لم يفرغ من آخر الآية حتى يتكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم بأولها، مخافة أن ينساها، فأنزل الله تعالى { سنقرئك فلا تنسى } فلم ينس شيئاً بعد ذلك { إلا ما شاء الله } يعني أن تنساه وهو ما نسخ الله تعالى تلاوته من القرآن ورفعه من الصدور، وقيل معناه إلا ما شاء الله أن تنساه، ثم تذكره بعد ذلك، كما صح من حديث عائشة رضي الله عنها. قال:
"سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلاً يقرأ في سورة بالليل فقال يرحمه الله لقد أذكرني كذا وكذا، آية كنت أنسيتها من سورة كذا وكذا" وفي رواية "كنت أسقطتهن من سورة كذا" أخرجاه في الصحيحين، وقيل هذا الاستثناء لم يقع، ولم يشأ الله أن ينسيه شيئاً. { إنه يعلم الجهر } يعني من القول والفعل. { وما يخفى } يعني منهما والمعنى، أنه تعالى يعلم السر والعلانية. { ونيسرك لليسرى } أي نهون عليك أن تعمل خيراً ونسهله عليك حتى تعمله، وقيل نوفقك للشريعة اليسرى وهي الحنيفية السمحة، وقيل هو متصل بالكلام الأول، والمعنى إنه يعلم الجهر مما تقرؤوه على جبريل إذا فرغ من التلاوة، وما يخفى مما تقرؤه في نفسك مخافة النسيان، ثم وعده فقال: ونيسرك لليسرى أي نهون عليك الوحي حتى تحفظه، ولا تنساه. { فذكر } أي فعظ بالقرآن. { إن نفعت الذكرى } أي مدة نفع الموعظة، والتذكير، والمعنى عظ أنت، وذكر أن نفعت الذكرى، أو لم تنفع، إنما عليك البلاغ. { سيذكر من يخشى } أي سيتعظ من يخشى الله تعالى. { ويتجنبها } أي الذكرى ويتباعد عنها. { الأشقى } أي في علم الله تعالى، { الذي يصلى النار الكبرى } أي النار العظيمة الفظيعة، وقيل النار الكبرى هي نار الآخرة، والنار الصغرى هي نار الدنيا { ثم لا يموت فيها } أي في النار فيستريح { ولا يحيى } أي حياة طيبة تنفعه.
قوله عزّ وجلّ: { قد أفلح من تزكى } أي تطهّر من الشرك وقال لا إله إلا الله قاله ابن عباس: وقيل قد أفلح من كان عمله زاكياً، وقيل هو صدقة الفطر، روي عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه في قوله: { قد أفلح من تزكى } قال: أعطى صدقة الفطر.