التفاسير

< >
عرض

ثُمَّ نُنَجِّي رُسُلَنَا وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ كَذَلِكَ حَقّاً عَلَيْنَا نُنجِ ٱلْمُؤْمِنِينَ
١٠٣
-يونس

البحر المحيط

لما تقدم قوله: فهل ينتظرون إلا مثل أيام الذين خلوا من قبلهم، وكان ذلك مشعراً بما حل بالأمم الماضية المكذبة ومضرحاً بهلاكهم في غير ما آية، أخبر تعالى عن حكاية حالهم الماضية فقال: ثم ننجي رسلنا، والمعنى: إن الذين خلوا أهلكناهم لما كذبوا الرسل، ثم نجينا الرسل والمؤمنين. ولذلك قال الزمخشري: ثم ننجي معطوف على كلام محذوف يدل عليه إلا مثل أيام الذين خلوا من قبلهم، كأنه قيل: نهلك الأمم ثم ننجي رسلنا على مثل الحكايات الماضية. والظاهر أن كذلك في موضع نصب تقديره: مثل ذلك الإنجاء الذي نجينا الرسل ومؤمنيهم، ننجي من آمن بك يا محمد، ويكون حقاً على تقدير: حق ذلك حقاً. وقال أبو البقاء: يجوز أن يكون حقاً بدلاً من المحذوف النائب عنه الكاف تقديره: إنجاء مثل ذلك حقاً. وأجاز أن يكون كذلك، وحقاً منصوبين بننجي التي بعدهما، وأن يكون كذلك منصوباً بننجي الأولى، وحقاً بننجي الثانية، وأجاز هو تابعاً لابن عطية أن تكون الكاف في موضع رفع، وقدره الأمر كذلك: وحقاً منصوب بما بعدها. وقال الزمخشري مثل ذلك الإنجاء ننجي المؤمنين منكم ونهلك المشركين، وحقاً علينا اعتراض يعني حق ذلك علينا حقاً. قال القاضي: حقاً علينا المراد به الوجوب، لأن تخليص الرسول صلى الله عليه وسلم والمؤمنين من العذاب إلى الثواب واجب، ولولاه ما حسن من الله أن يلزمهم: الأفعال الشاقة. وإذا ثبت لهذا السبب جرى مجرى قضاء الدين للسبب المتقدّم، وأجيب بأنه حق. بحسب الوعد والحكم لا بحسب الاستحقاق، لما ثبت أن العبد لا يستحق على خالقه شيئاً. وقرأ الكسائي، وحفص: ننجي المؤمنين بالتخفيف مضارع أنجى، وخط المصحف ننج بغير ياء.