التفاسير

< >
عرض

ويْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ
١
ٱلَّذِى جَمَعَ مَالاً وَعَدَّدَهُ
٢
يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ
٣
كَلاَّ لَيُنبَذَنَّ فِي ٱلْحُطَمَةِ
٤
وَمَآ أَدْرَاكَ مَا ٱلْحُطَمَةُ
٥
نَارُ ٱللَّهِ ٱلْمُوقَدَةُ
٦
ٱلَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى ٱلأَفْئِدَةِ
٧
إِنَّهَا عَلَيْهِم مُّؤْصَدَةٌ
٨
فِي عَمَدٍ مُّمَدَّدَةِ
٩
-الهمزة

البحر المحيط

وتقدم الكلام في الهمزة في سورة ن، وفي اللمز في سورة براءة، وفعله من أبنية المبالغة، كنومة وعيبة وسحرة وضحكة، وقال زياد الأعجم:

تدلى بودّي إذا لاقيتني كذباً وإن أغيب فأنت الهامز اللمزه

وقرأ الجمهور: بفتح الميم فيهما؛ والباقون: بسكونها، وهو المسخرة الذي يأتي بالأضاحيك منه، ويشتم ويهمز ويلمز. { الذي }: بدل، أو نصب على الذم. وقرأ الحسن وأبو جعفر وابن عامر والأخوان: جمع مشدد الميم؛ وباقي السبعة: بالتخفيف، والجمهور: { وعدده } بشد الدال الأولى: أي أحصاه وحافظ عليه. وقيل: جعله عدة لطوارق الدهر؛ والحسن والكلبي: بتخفيفهما، أي جمع المال وضبط عدده. وقيل: وعدداً من عشيرته. وقيل: وعدده على ترك الإدغام، كقوله:

إني أجود لأقوام وإن ضننـوا

{ أخلده }: أي أبقاه حياً، إذ به قوام حياته وحفظه مدّة عمره. قال الزمخشري: أي طوّل المال أمله ومناه الأماني البعيدة، حتى أصبح لفرط غفلته وطول أمله يحسب أن المال تركه خالداً في الدنيا لا يموت. قيل: وكان للأخنس أربعة آلاف دينار. وقيل: عشرة آلاف دينار. { كلا } ردع له عن حسبانه. وقرأ الجمهور: { لينبذن } فيه ضمير الواحد؛ وعليّ والحسن: بخلاف عنه؛ وابن محيصن وحميد وهارون عن أبي عمرو: ولينبذان، بألف ضمير اثنين: الهمزة وماله. وعن الحسن أيضاً: لينبذن بضم الذال، أي هو وأنصاره. وعن أبي عمرو: لينبذنه. وقرأ الجمهور: { في الحطمة وما أدراك ما الحطمة }؛ وزيد بن عليّ: في الحاطمة وما أدراك ما الحاطمة، وهي النار التي من شأنها أن تحطم كل ما يلقى فيها. قال الضحاك: الحطمة: الدرك الرابع من النار. وقال الكلبي: الطبقة السادسة من جهنم؛ وحكى عنه القشيري أنها الدركة الثانية؛ وعنه أيضاً: الباب الثاني. وقال الواحدي: باب من أبواب جهنم، انتهى.

و { نار الله }: أي هي، أي الحطمة. { التي تطلع على الأفئدة }: ذكرت الأفئدة لأنها ألطف ما في البدن وأشدّه تألماً بأدنى شيء من الأذى؛ واطلاع النار عليها هو أنها تعلوها وتشتمل عليها، وهي تعلو الكفار في جميع أبدانهم، لكن نبه على الأشرف لأنها مقر العقائد. وقرأ الأخوان وأبو بكر: في عمد بضمتين جمع عمود؛ وهارون عن أبي عمرو: بضم العين وسكون الميم؛ وباقي السبعة: بفتحها، وهو اسم جمع، الواحد عمود. وقال الفرّاء: جمع عمود، كما قالوا: أديم وأدم. وقال أبو عبيدة: جمع عماد. قال ابن زيد: في عمد حديد مغلولين بها. وقال أبو صالح: هذه النار هي قبورهم، والظاهر أنها نار الآخرة، إذ يئسوا من الخروج بإطباق الأبواب عليهم وتمدد العمد، كل ذلك إيذاناً بالخلود إلى غير نهاية. وقال قتادة: كنا نحدّث أنها عمد يعذبون بها في النار. وقال أبو صالح: هي القيود، والله تعالى أعلم.