التفاسير

< >
عرض

إِنَّ هَـٰذَا لَهُوَ ٱلْقَصَصُ ٱلْحَقُّ وَمَا مِنْ إِلَـٰهٍ إِلاَّ ٱللَّهُ وَإِنَّ ٱللَّهَ لَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ
٦٢
فَإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ بِٱلْمُفْسِدِينَ
٦٣
قُلْ يٰأَهْلَ ٱلْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَىٰ كَلِمَةٍ سَوَآءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ ٱللَّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِّن دُونِ ٱللَّهِ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُولُواْ ٱشْهَدُواْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ
٦٤
يٰأَهْلَ ٱلْكِتَابِ لِمَ تُحَآجُّونَ فِيۤ إِبْرَاهِيمَ وَمَآ أُنزِلَتِ ٱلتَّورَاةُ وَٱلإنْجِيلُ إِلاَّ مِن بَعْدِهِ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ
٦٥
هٰأَنْتُمْ هَؤُلاۤءِ حَاجَجْتُمْ فِيمَا لَكُم بِهِ عِلمٌ فَلِمَ تُحَآجُّونَ فِيمَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَٱللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ
٦٦
مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيّاً وَلاَ نَصْرَانِيّاً وَلَكِن كَانَ حَنِيفاً مُّسْلِماً وَمَا كَانَ مِنَ ٱلْمُشْرِكِينَ
٦٧
إِنَّ أَوْلَى ٱلنَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ ٱتَّبَعُوهُ وَهَـٰذَا ٱلنَّبِيُّ وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَٱللَّهُ وَلِيُّ ٱلْمُؤْمِنِينَ
٦٨
-آل عمران

البحر المحيط

{ إن هذا لهو القصص الحق } هذا خبر من الله جزم مؤكد فصل به بين المختصمين، والإشارة إلى القرآن على قول الجمهور، والظاهر أنه إشارة إلى ما تقدم من أخبار عيسى، وكونه مخلوقاً من غير أب، قاله ابن عباس، وابن جريج، وابن زيد، وغيرهم. أي: هذا هو الحق لا ما يدعيه النصارى فيه من كونه إلهاً أو ابن الله، ولا ما تدعيه اليهود فيه، وقيل: هذا إشارة إلى ما بعده من قوله { وما من إله إلاَّ الله } ويضعف بأن هذه الجملة ليست بقصص وبوجود حرف العطف في قوله: وما قال بعضهم إلاَّ إن أراد بالقصص الخبر، فيصح على هذا، ويكون التقدير: إن الخبر الحق أنه ما من إله إلاَّ الله. انتهى. لكن يمنع من هذا التقدير وجود واو العطف واللام في: لهو، دخلت على الفصل. والقصص خبر إن، والحق صفة له، والقصص مصدر، أو فعل بمعنى مفعول، أي: المقصوص كالقبض، بمعنى المقبوض، ويجوز أن يكون: هو، مبتدأ و: القصص، خبره، والجملة، في موضع خبر إن ووصف القصص بالحق إشارة إلى القصص المكذوب الذي أتى به نصارى نجران، وغيرهم، في أمر عيسى وإلاهيته.

{ وما من إله إلا الله } أي: المختص بالإلهية هو الله وحده، وفيه ردّ على الثنوية والنصارى، وكل من يدعي غير الله إلهاً.

و: من، زائدة لاستغراق الجنس، و: إله، مبتدأ محذوف الخبر، و: الله، بدل منه على الموضع، ولا يجوز البدل على اللفظ، لأنه يلزم منه زيادة: من، في الواجب، ويجوز في العربية في نحو هذا التركيب نصب ما بعد: إلاَّ، نحو ما من شجاع إلاَّ زيداً، ولم يقرأ بالنصب في هذه الآية، وإن كان جائزاً في العربية النصب على الاستثناء.

{ وإن الله لهو العزيز الحكيم } إشارة إلى وصفي الإلهية وهما: القدرة الناشئة عن الغلبة فلا يمتنع عليه شيء، والعلم المعبر عنه بالحكمة فيما صنع والإتقان لما اخترع، فلا يخفى عنه شيء. وهاتان الصفتان منفيتان عن عيسى.

ويجوز في: لهو، من الإعراب ما جاز في: لهو القصص، وتقديم ذكر فائدة الفصل.

{ فإن تولوا فإن الله عليم بالمفسدين } قال مقاتل: فإن تولوا عن الملاعنة. وقال الزجاج: عن البيان الذي أبانه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال أبو سليمان الدمشقي: عن الإقرار بالوحدانية والتنزيه عن الصاحبة والولد وقال المرسيّ: عن هذا الذكر وقيل: عن الإيمان.

و: تولوا، ماضٍ أو مضارع حذفت تاؤه، وجواب الشرط في الظاهر الجملة من قوله: { فان الله عليم بالمفسدين }، والمعنى: ما يترتب على علمه بالمفسدين من معاقبته لهم، فعبر عن العقاب بالعلم الذي ينشأ عنه عقابهم، ونبه على العلة التي توجب العقاب، وهي الإفساد، ولذلك أتى بالاسم الظاهر دون الضمير، وأتى به جمعاً ليدل على العموم الشامل لهؤلاء الذين تولوا ولغيرهم، ولكونه رأس آية، ودل على أن توليهم إفساد أي إفساد.

{ قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم } نزلت في وفد نجران، قاله الحسن، والسدي، ومحمد بن جعفر بن الزبير. قال ابن زيد: لما أبى أهل نجران ما دعوا إليه من الملاعنة، دعوا إلى أيسر من ذلك، وهي الكلمة السواء وقال ابن عباس: نزلت في القسيسين والرهبان، بعث بها النبي صلى الله عليه وسلم إلى جعفر وأصحابه بالحبشة، فقرأها جعفر، والنجاشي جالس وأشراف الحبشة وقال قتادة، والربيع، وابن جريج: في يهود المدينة، وهم الذين حاجوا في إبراهيم. وقيل: نزلت في اليهود والنصارى، قالوا: يا محمد! ما تريد إلاَّ أن نقول فيك ما قالت اليهود في عزير؟

ولفظ: يا أهل الكتاب، يعم كل من أوتي كتاباً، ولذلك دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم اليهود بالآية، والأقرب حمله على النصارى لأن الدلالة وردت عليهم، والمباهلة معهم، وخاطبهم: بيا أهل الكتاب، هزاً لهم في استماع ما يلقى إليهم، وتنبيهاً على أن من كان أهل كتاب من الله ينبغي أن يتبع كتاب الله، ولما قطعهم بالدلائل الواضحة فلم يذعنوا، ودعاهم إلى المباهلة فامتنعوا، عدل إلى نوع من التلطف، وهو: دعاؤهم إلى كلمة فيها إنصاف بينهم.

وقرأ أبو السمال: كلمة، كضربة، و: كلمة، كسدرة، وتقدّم هذا عند قوله: { { مصدقاً بكلمة } [آل عمران: 39] والكلمة هي ما فسرت به بعد. وقال أبو العالية: { لا إله إلا الله }، وهذا تفسير المعنى.

وعبر بالكلمة عن الكلمات، لأن الكلمة قد تطلقها العرب على الكلام، وإلى هذا ذهب الزجاج، إما لوضع المفرد موضع الجمع، كما قال:

بها جيفُ الحسرى، فأما عظامها فبيض، وأما جلدها فصليب

وإما لكون الكلمات مرتبطة بعضها ببعض، فصارت في قوة الكلمة الواحدة إذا اختلّ جزء منها اختلت الكلمة، لأن كلمة التوحيد: لا إله إلا الله، هي كلمات لا تتم النسبة المقصودة فيها من حصر الإلهية في الله إلا بمجموعها.

وقرأ الجمهور: سواء، بالجر على الصفة. وقرأ الحسن: سواء، بالنصب، وخرجه الحوفي والزمخشري على أنه مصدر. قال الزمخشري: بمعنى استوت استواء، فيكون: سواء، بمعنى استواء، ويجوز أن ينتصب على الحال من: كلمة، وإن كان نكرة ذو الحال، وقد أجاز ذلك سيبويه وقاسه، والحال والصفة متلاقيان من حيث المعنى، والمصدر يحتاج إلى إضمار عامل، وإلى تأويل: سواء، بمعنى: استواء، والأشهر استعمال: سواء، بمعنى اسم الفاعل، أي: مستو، وقد تقدّم الكلام على سواء في أول سورة البقرة، وقال قتادة، والربيع، والزجاج: هنا يعني بالسواء العدل، وهو من: استوى الشيء، وقال زهير:

أروني خطة لا ضيم فيها يسوي بيننا فيها السواء

والمعنى: إلى كلمة عادلة بيننا وبينكم. وقال أبو عبيدة: تقول العرب: قد دعاك فلان إلى سواء فاقبل منه. وفي مصحف عبد الله: إلى كلمة عدل بيننا وبينكم. وقال ابن عباس: أي كلمة مستوية، أي مستقيمة. وقيل: إلى كلمة قصد. قال ابن عطية: والذي أقوله في لفظة: سواء، أنها ينبغي أن تفسر بتفسير خاص بها في هذا الموضع، وهو أنه دعاهم إلى معان جميع الناس فيها مستوون، صغيرهم وكبيرهم، وقد كانت سيرة المدعوين أن يتخذ بعضهم بعضاً أرباباً، فلم يكونوا على استواء حال، فدعاهم بهذه الآية إلى ما يألف النفوس من حقٍ لا يتفاضل الناس فيه، فسواء على هذا التأويل بمنزلة قولك لآخر: هذا شريكي في مال سواء بيني وبينه، والفرق بين هذا التفسير وبين تفسير لفظة: العدل، أنك لو دعوت أسيراً عندك إلى أن يسلم أو تضرب عنقه، لكنت قد دعوته إلى السواء الذي هو العدل، على هذا الحد جاءت لفظة: سواء، في قوله تعالى { فانبذ إليهم على سواء } [الأَنفال: 58] على بعض التأويلات، وإن دعوت أسيرك إلى أن يؤمن فيكون حرّاً مقاسماً لك. في عيشك لكنت قد دعوته إلى السواء الذي هو استواء الحال على ما فسرته. واللفظة على كل تأويل فيها معنى العدل، ولكني لم أر لمتقدم أن يكون في اللفظة معنى قصد استواء الحال، وهو عندي حسن، لأن النفوس تألفه، والله الموفق للصواب. انتهى كلامه، وهو تكثير لا طائل تحته، والظاهر انتصاب الظرف بسواء.

{ أن لا نعبد إلاَّ الله } موضع: أن، جر على البدل من: كلمة، بدل شيء من شيء، ويجوز أن يكون في موضع رفع خبر لمبتدأ محذوف، أي: هي أن لا نعبد إلاَّ الله. وجوّزوا أن يكون الكلام تم عند قوله: سواء، وارتفاع: أن لا نعبد، على الابتداء والخبر قوله: بيننا وبينكم. قالوا: والجملة صفة للكلمة، وهذا وهم لعرو الجملة من رابط يربطها بالموصوف، وجوزوا أيضاً ارتفاع: أن لا نعبد، بالظرف، ولا يصح إلاَّ على مذهب الأخفش والكوفيين حيث أجازوا إعمال الظرف من غير اعتماد، والبصريون يمنعون ذلك، وجوز علي بن عيسى أن يكون التقدير: إلى كلمة مستو بيننا وبينكم فيها الامتناع من عبادة غير الله، فعلى هذا يكون: أن لا نعبد، في موضع رفع على الفاعل بسواء، إلاَّ أن فيه إضمار الرابط، وهو فيها، وهو ضعيف.

والمعنى: أن نفرد الله وحده بالعبادة ولا نشرك به شيئاً، أي: لا نجعل له شريكاً. وشيئاً يحتمل أن يكون مفعولاً به، ويحتمل أن يكون مصدراً أي شيئاً من الإشراك، والفعل في سياق النفي، فيعم متعلقاته من مفعول به ومصدر وزمان ومكان وهيئة.

{ ولا يتخذ بعضنا بعضاً أرباباً من دون الله } أي لا نتخذهم أرباباً فنعتقد فيهم الإلهية ونعبدهم على ذلك: كعزير وعيسى، قاله مقاتل، والزجاج، وعكرمة.

وقيل عنه: إنه سجود بعضهم لبعض أو لا نطيع الاساقفة والرؤساء فيما أمروا به من الكفر والمعاصي ونجعل طاعتهم شرعاً. قاله ابن جريج، كقوله تعالى { اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله والمسيح بن مريم } [التوبة: 31] و "عن عدي بن حاتم: ما كنا نعبدهم يا رسول الله. قال: أليس كانوا يحلون لكم ويحرّمون فتأخذون بقولهم؟ قال: نعم. قال:هو ذاك" .

وفي قوله: بعضنا بعضاً، إشارة لطيفة، وهي أن البعضية تنافي الإلهية إذ هي تماثل في البشرية، وما كان مثلك استحال أن يكون إلهاً، وإذا كانوا قد استبعدوا اتباع من شاركهم في البشرية للاختصاص بالنبوّة في قولهم: { { إن أنتم إلا بشر مثلنا } [إبراهيم: 10] { { إن نحن إلا بشر مثلكم } [إبراهيم: 11] { { أنؤمن لبشرين مثلنا } [المؤمنون: 47] فادعاء الإلهية فيهم ينبغي أن يكونوا فيه أشد استبعاداً: وهذه الأفعال الداخل عليها أداة النفي متقاربة في المعنى، يؤكد بعضها بعضاً، إذ اختصاص الله بالعبادة يتضمن نفي الاشتراك ونفي اتخاذ الأرباب من دون الله، ولكن الموضع موضع تأكيد وإسهاب ونشر كلام، لأنهم كانوا مبالغين في التمسك بعبادة غير الله، فناسب ذلك التوكيد في انتفاء ذلك، والنصارى جمعوا بين الأفعال الثلاثة: عبدوا عيسى، وأشركوا بقولهم: ثالث ثلاثة واتخذوا أحبارهم أرباباً في الطاعة لهم في تحليلٍ وتحريمٍ وفي السجود لهم.

قال الطبري: في قوله: { أرباباً من دون الله } أنزلوهم منزلة ربهم في قبول التحريم والتحليل لما لم يحرمه الله، ولم يحله. وهذا يدل على بطلان القول بالاستحسان المجرد الذي لا يستند إلى دليل شرعي، كتقديرات دون مستند، والقول بوجوب قبول قول الإمام دون إبانة مستند شرعي، كما ذهب إليه الرّوافض. انتهى. وفيه بعض اختصار.

{ فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون } أي: فإن تولوا عن الكلمة السواء فأشهدوهم أنكم منقادون إليها، وهذا مبالغة في المباينة لهم، أي: إذا كنتم متولين عن هذه الكلمة، فإنا قابلون لها ومطيعون. وعبر عن العلم بالشهادة على سبيل المبالغة، إذ خرج ذلك من حيز المعقول إلى حيز المشهود، وهو المحضر في الحسّ. قال ابن عطية: هذا أمر بإعلام بمخالفتهم ومواجهتهم بذلك، وإشهادهم على معنى التوبيخ والتهديد، أي سترون أنتم أيها المتولون عاقبة توليكم كيف يكون. انتهى.

وقال الزمخشري: أي لزمتكم الحجة، فوجب عليكم أن تعترفوا وتسلموا بأنا مسلمون دونكم، كما يقول الغالب للمغلوب في جدال أو صراع، أو غيرهما: اعترف بأني أنا الغالب، وسلم لي الغلبة، ويجوز أن يكون من باب التعريض، ومعناه: اشهدوا واعترفوا بأنكم كافرون حيث توليتم عن الحق بعد ظهوره. انتهى.

وهذه الآية في الكتاب الذي وجه به رسول الله صلى الله عليه وسلم دحية إلى عظيم بصرى، فدفعه إلى هرقل.

{ قل يا أهل الكتاب لم تحاجون في إبراهيم وما أنزلت التوراة والإنجيل إلاَّ من بعده أفلا تعقلون } عن ابن عباس وغيره. أن اليهود قالوا: كان إبراهيم يهودياً، وأن النصارى قالوا: كان نصرانياً. فأنزلها الله منكراً عليهم. وقال ابن عباس، والحسن: كان إبراهيم سأل الله أن يجعل له { { لسان صدق في الآخرين } [الشعراء: 84] فاستجاب الله دعاءه حتى ادعته كل فرقة.

و: ما، في قوله: لمَ، استفهامية حذفت ألفها مع حرف الجر، ولذلك علة ذكرت في النحو، وتتعلق: اللام بتحاجون، ومعنى هذا الاستفهام الإنكار، ومعنى: في إبراهيم، في شرعه ودينه وما كان عليه، ومعنى: المحاجة، ادعاء من الطائفتين أنه منها وجدالهم في ذلك، فرد الله عليهم ذلك بأن شريعة اليهود والنصارى متأخرة عن إبراهيم، وهو متقدم عليهما، ومحال أن ينسب المتقدم إلى المتأخر، ولظهور فساد هذه الدعوى قال: { أفلا تعقلون } أي: هذا كلام من لا يعقل، إذ العقل يمنع من ذلك. ولا يناسب أن يكون موافقاً لهم، لا في العقائد ولا في الأحكام.

أمّا في العقائد فعبادتهم عيسى وادعاؤهم أنه الله، أو ابن الله، أو ثالث ثلاثة. وادعاء اليهود أن عزيراً ابن الله، ولم يكونا موجودين في زمان إبراهيم.

وأما الأحكام فإن التوراة والإنجيل فيهما أحكام مخالفة للأحكام التي كانت عليها شريعة إبراهيم، ومن ذلك قوله { فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات أحلت لهم } [النساء: 160] وقوله: { إنما جعل السبت على الذين اختلفوا فيه } [النحل: 124] وغير ذلك فلا يمكن إبراهيم على دين حدث بعده بأزمنة متطاوله.

ذكر المؤرخون أن بين إبراهيم وموسى ألف سنة، وبينه وبين عيسى ألفان. وروى أبو صالح عن ابن عباس: أنه كان بين إبراهيم وموسى خمسمائة سنة وخمس وسبعون سنة، وبين موسى وعيسى ألف سنة وستمائة واثنتان وثلاثون سنة.

وقال ابن إسحاق: كان بين إبراهيم وموسى خمسمائة سنة وخمس وستون سنة، وبين موسى وعيسى ألف وتسعمائة سنة وخمس وعشرون.

والواو في: { وما أنزلت التوراة } لعطف جملة على جملة، هكذا ذكروا. والذي يظهر أنها للحال كهي في قوله تعالى: { لم تكفرون بآيات الله وأنتم تشهدون } [آل عمران: 70] وقوله { { لم تلبسون } [آل عمران: 71] ثم قال { { وأنتم تعلمون } [آل عمران: 71] وقوله: { كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتاً فأحياكم } [البقرة: 28] أنكر عليهم ادّعاء أن إبراهيم كان على شريعة اليهود أو النصارى، والحال أن شريعتيهما متأخرتان عنه في الوجود، فكيف يكون عليها مع تقدمه عليها؟

وأمّا الحنيفية والإسلام فمن الأوصاف التي يختص بها كل ذي دين حق، ولذلك قال تعالى: { { إن الدين عند الله الإسلام } [آل عمران: 19] إذ الحنيف هو المائل للحق، والمسلم هو المستسلم للحق، وقد أخبر القرآن بأن إبراهيم { كان حنيفاً مسلماً } [آل عمران: 67].

وفي قوله: { أفلا تعقلون } توبيخ على استحالة مقالتهم، وتنبيه على ما يظهر به غلطهم ومكابرتهم.

{ ها أنتم هؤلاء حاججتم فيما لكم به علم فلم تحاجون فيما ليس لكم به علم } الذي لهم به علم هو دينهم الذي وجدوه في كتبهم وثبت عندهم صحته، والذي ليس لهم به علم هو أمر إبراهيم ودينه، ليس موجوداً في كتبهم، ولا أتتهم به أنبياؤهم، ولا شاهدوه فيعلموه. قاله قتادة، والسدي، والربيع، وغيرهم. وهو الظاهر لما حف به من قبله، ومن بعده من الحديث في إبراهيم، ونسب هذا القول إلى الطبري ابن عطية، وقال: ذهب عنه أن ما كان هكذا فلا يحتاج معهم فيه إلى محاجة، لأنهم يجدونه عند محمد صلى الله عليه وسلم كما كان هنالك على حقيقته.

وقيل: الذي لهم به علم هو أمر محمد صلى الله عليه وسلم، لأنهم وجدوا نعته في كتبهم، فجادلوا بالباطل. والذي ليس لهم به علم هو أمر إبراهيم.

والظاهر في قوله: { فيما لكم به علم } إثبات العلم لهم. وقال ابن عطية: فيما لكم به علم على زعمكم، وإنما المعنى: فيما يشبه دعواكم، ويكون الدليل العقلي يرد عليكم. وقال قتادة أيضاً: حاججتم فيما شهدتم ورأيتم، فلم تحاجون فيما لم تشاهدوا ولم تعلموا؟ وقال الرازي: { ها أنتم هؤلاء } الآية. أي: زعمتم أن شريعة التوراة والإنجيل مخالفة لشريعة القرآن، فكيف تحاجون فيما لا علم لكم به؟ وهو ادّعاؤهم أن شريعة إبراهيم مخالفة لشريعة محمد صلى الله عليه وسلم؟

ويحتمل أن يكون قوله { لكم به علم } أي: تدعون علمه لا أنه وصفهم بالعلم حقيقة، فكيف يحاجون فيما لا علم لهم به ألبتة.

وقرأ الكوفيون، وابن عامر، والبزي: ها أنتم، بألف بعد الهاء بعدها همزة: أنتم، محققة. وقرأ نافع، وأبو عمرو، ويعقوب: بهاء بعدها ألف بعدها همزة مسهلة بين بين، وأبدل أناس هذه الهمزة ألفاً محضة لورش: ها، للتنبيه لأنه يكثر وجودها مع المضمرات المرفوعة مفصولاً بينها وبين اسم الإشارة حيث لا استفهام، وأصلها أن تباشر إسم الإشارة، لكن اعتنى بحرف التنبيه، فقدم، وذلك نحو قول العرب: ها أناذا قائماً، و: ها أنت ذا تصنع كذا. و: ها هوذا قائماً. ولم ينبه المخاطب هنا على وجود ذاته، بل نبه على حال غفل عنها لشغفه بما التبس به، وتلك الحالة هي أنهم حاجوا فيما لا يعلمون، ولم ترد به التوراة والإنجيل، فتقول لهم: هب أنكم تحتجون فيما تدعون أن قد ورد به كتب الله المتقدمة، فلم تحتجون فيما ليس كذلك؟ وتكون الجملة خبرية وهو الأصل، لأنه قد صدرت منهم المحاجة فيما يعلمون، ولذاك أنكر عليهم بعد المحاجة فيما ليس لهم به علم، وعلى هذا يكون: ها، قد أعيدت مع اسم الإشارة توكيداً، وتكون في قراءة قنبل قد حذف ألف: ها، كما حذفها من وقف على: { { أيه الثقلان } [الرحمن: 31] يا أيه بالسكون وليس الحذف فيها يقوى في القياس. وقال أبو عمرو ابن العلاء، وأبو الحسن الأخفش: الأصل في: ها أنتم. فأبدل من الهمزة الأولى التي للاستفهام هاء. لأنها أختها. واستحسنه النحاس. وإبدال الهمزة هاء مسموع في كلمات ولا ينقاس، ولم يسمع ذلك في همزة الاستفهام، لا يحفظ من كلامهم: هتضرب زيداً، بمعنى: أَتَضرب زيداً إلاَّ في بيت نادر جاءت فيه: ها، بدل همزة الاستفهام، وهو:

وأتت صواحبها وقلن هذا الذي منح المودّة غيرنا وجفانا

ثم فصل بين الهاء المبدلة من همزة الاستفهام، وهمزة: أتت، لا يناسب، لأنه إنما يفصل لاستثقال اجتماع الهمزتين، وهنا قد زال الاستثقال بإبدال الأولى: هاء، ألا ترى أنهم حذفوا الهمزة في نحو: أريقه، إذ أصله: أأريقه؟ فلما أبدلوها هاء لم يحذفوا، بل قالوا: أهريقه.

وقد وجهوا قراءة قنبل على أن: الهاء، بدل من همزة الاستفهام لكونها هاء لا ألف بعدها، وعلى هذا من أثبت الألف، فيكون عنده فاصلة بين الهاء المبدلة من همزة الاستفهام، وبين همزة: أنتم، أجرى البدل في الفصل مجرى المبدل منه، والاستفهام على هذا معناه التعجب من حماقتهم، وأمّا من سهل فلأنها همزة بعد ألف على حد تسهيلهم إياها في: هيأه. وأمّا تحقيقها فهو الأصل، وأمّا إبدالها ألفاً فقد تقدّم الكلام في ذلك في قوله { { أأنذرتهم أم لم تنذرهم } [البقرة: 6].

و: أنتم، مبتدأ، و: هؤلاء. الخبر. و: حاججتم، جملة حالية. كقول: ها أنت ذا قائماً. وهي من الأحوال التي ليست يستغنى عنها، كقوله: { { ثم أنتم هؤلاء تقتلون } [البقرة: 85] على أحسن الوجوه في إعرابه.

وقال الزمخشري: أنتم، مبتدأ، و: هؤلاء، خبره، و: حاججتم، جملة مستأنفة مبينة للجملة الأولى، يعني: أنتم هؤلاء الأشخاص الحمقى، وبيان حماقتكم، وقلة عقولكم، أنكم حاججتم فيما لكم به علم مما نطق به التوراة والإنجيل، فلم تحاجون فيما ليس لكم به علم، ولا ذكر له في كتابيكم من دين إبراهيم؟ انتهى.

وأجازوا أن يكون: هؤلاء، بدلاً، وعطف بيان، والخبر: حاججتم، وأجازوا أن يكون، هؤلاء، موصولاً بمعنى الذي، وهو خبر المبتدأ، أو: حاججتم، صلته. وهذا على رأي الكوفيين. وأجازوا أيضاً أن يكون منادى أي: يا هؤلاء، وحذف منه حرف النداء، ولا يجوز حذف حرف النداء من المشار على مذهب البصريين، ويجوز على مذهب الكوفيين، وقد جاء في الشعر حذفه، وهو قليل، نحو قول رجل من طيء:

إن الأُلى وصفوا قومي لهم فهم هذا اعتصم تلق من عاداك مخذولاً

وقال:

لا يغرّنكم أولاء من القو م جنوح للسلم فهو خداع

يريد: يا هذا اعتصم، و: يا أولاء.

{ والله يعلم وأنتم لا تعلمون } أي: يعلم دين إبراهيم الذي حاججتم فيه، وكيف حال الشرائع في الموافقة. والمخالفة، وأنتم لا تعلمون ذلك، وهو تأكيد لما قبله من نفي العلم عنهم في شأن إبراهيم، وفي قوله: والله يعلم، استدعاء لهم أن يسمعوا، كما تقول لمن تخبره بشيء لا يعلمه: إسمع فإني أعلم ما لا تعلم.

{ ما كان إبراهيم يهودياً ولا نصرانياً ولكن كان حنيفاً مسلماً وما كان من المشركين } أعلم تعالى براءة إبراهيم من هذه الأديان، وبدأ بانتفاء اليهودية، لأن شريعة اليهود أقدم من شريعة النصارى، وكرر، لا، لتأكيد النفي عن كل واحد من الدينين، ثم استدرك ما كان عليه بقوله { ولكن كان حنيفاً مسلماً } ووقعت لكن هنا أحسن موقعها، إذ هي واقعة بين النقيضين بالنسبة إلى اعتقاد الحق والباطل.

ولما كان الكلام مع اليهود والنصارى، كان الاستدارك بعد ذكر الانتفاء عن شريعتهما، ثم نفى على سبيل التكميل للتبري من سائر الأديان كونه من المشركين، وهم: عبدة الأصنام، كالعرب الذين كانوا يدعون أنهم على دين إبراهيم، وكالمجوس عبدة النار، وكالصابئة عبدة الكواكب، ولم ينص على تفصيلهم، لأن الإشراك يجمعهم.

وقيل: أراد بالمشركين اليهود والنصارى لإشراكهم به عزيراً والمسيح، فتكون هذه الجملة توكيداً لما قبلها من قوله { ما كان إبراهيم يهودياً ولا نصرانياً } وجاء: من المشركين، ولم يجىء: وما كان مشركاً، فيناسب النفي قبله، لأنها رأس آية.

وقال ابن عطية: نفى عنه اليهودية والنصرانية والإشراك الذي هو عبادة الأوثان؛ ودخل في ذلك الإشراك الذي تتضمنه اليهودية والنصرانية. وجاء ترتيب النفي على غاية الفصاحة، نفي نفس الملل، وقرر الحال الحسنة، ثم نفي نفياً بين به أن تلك الملل فيها هذا الفساد الذي هو الشرك، وهذا كما تقول: ما أخذت لك مالاً، بل حفظته. وما كنت سارقاً، فنفيت أقبح ما يكون في الأخذ. انتهى كلامه.

وتلخص بما تقدم أن قوله. { وما كان من المشركين } ثلاثة أقوال: أحدها: أن المشركين عبدة الأصنام والنار والكواكب والثاني: أنهم اليهود والنصارى والثالث: عبدة الأوثان واليهود والنصارى.

وقال عبد الجبار: معنى { ما كان يهودياً ولا نصرانياً } لم يكن على الدين الذي يدين به هؤلاء المحاجون، ولكن كان على جهة الدين الذي يدين به المسلمون. وليس المراد أن شريعة موسى وعيسى لم تكن صحيحة.

وقال علي بن عيسى: لا يوصف إبراهيم بأنه كان يهودياً ولا نصرانياً لأنهما صفتا ذمّ لاختصاصهما بفرقتين ضالتين، وهما طريقان محرّفان عن دين موسى وعيسى، وكونه مسلماً لا يوجب أن يكون على شريعة محمد صلى الله عليه وسلم، بل كان على جهة الإسلام.

والحنيف: اسم لمن يستقبل في صلاته الكعبة، ويحج إليها، ويضحي، ويختتن. ثم سمي من كان على دين إبراهيم حنيفاً. انتهى.

وفي حديث زيد بن عمرو بن نفيل: أنه خرج إلى الشام يسأل عن الدين، وأنه لقي عالماً من اليهود، ثم عالماً من النصارى، فقال له اليهودي: لن تكون على ديننا حتى تأخذ بنصيبك من غضب الله. وقال له النصراني: لن تكون على ديننا حتى تأخذ بنصيبك من لعنة الله. فقال زيد: ما أفرّ إلاَّ من غضب الله، ومن لعنته. فهل تدلاني على دين ليس فيه هذا؟ قالا: ما نعلمه إلاَّ أن تكون حنيفاً. قال: وما الحنيف؟ قال: دين إبراهيم، لم يكن يهودياً ولا نصرانياً، وكان لا يعبد إلاَّ الله وحده، فلم يزل رافعاً يديه إلى السماء. وقال: اللهم إني أشهدك أني على دين إبراهيم.

وقال الرازي ما ملخصه: إن النفي إن كان في الأصول، فتكون في الموافقة ليهود زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونصاراه. لأنهم غيروا فقالوا: المسيح ابن الله، وعزير ابن الله. لا في الأصول التي كان عليها اليهود والنصارى الذين كانوا على ما جاء به موسى وعيسى، وجميع الأنبياء متوافقون في الأصول، وإن كان في الفروع فلأن الله نسخ شريعة إبراهيم بشريعة موسى وعيسى، وأما موافقته لشريعة محمد صلى الله عليه وسلم فإن كان في الأصول فظاهر، وإن كان في الفروع فتكون الموافقة في الأكثر، وإن خالف في الأقل فلم يقدح في الموافقة.

{ إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهذا النبيّ والذين آمنوا والله وليّ المؤمنين } قال ابن عباس: قالت رؤساء اليهود: والله يا محمد، لقد علمت أنا أولى الناس بدين إبراهيم منك ومن غيرك، وإنه كان يهودياً، وما بك إلاَّ الحسد. فنزلت.

وروي حديث طويل في اجتماع جعفر وأصحابه، وعمرو بن العاص، وأصحابه. بالنجاشي، وفيه: أن النجاشي قال: لا دهورة اليوم على حزب إبراهيم. أي: لا خوف ولا تبعة، فقال عمرو: من حزب إبراهيم؟ فقال النجاشي: هؤلاء الرهط وصاحبهم، يعني: جعفراً وأصحابه. ورسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لكل نبي ولاة من النبيين، وإن وليـي منهم أبي، وخليل ربي إبراهيم" . ثم قرأ هذه الآية. ومعنى: أولى الناس: أخصهم به وأقربهم منه من الولي، وهو القرب. والذين اتبعوه يشمل كل من اتبعه في زمانه وغير زمانه، فيدخل فيه متبعوه في زمان الفترات. وعنى بالأتباع أتباعه في شريعته.

وقال عليّ بن عيسى: أحقهم بنصرته أي: بالمعونة وبالحجة، فمن تبعه في زمانه نصره بمعونته على مخالفته. ومحمد والمؤمنون نصروه بالحجة له أنه كان محقاً سالماً من المطاعن، وهذا النبي: يعني به محمداً صلى الله عليه وسلم، وخص بالذكر من سائر من اتبعه لتخصيصه بالشرف والفضيلة، كقوله { وجبريل وميكال } [البقرة: 98].

{ والذين آمنوا } قيل: آمنوا من أمّة محمد، وخصوا أيضاً بالذكر تشريفاً لهم، إذ هم أفضل الأتباع للرسل، كما أن رسولهم أفضل الرسل. وقيل: المؤمنون في كل زمان وعطف { وهذا النبي } على خبر إن، ومن أعرب { وهذا النبي والذين آمنوا } مبتدأ والخبر: هم المتبعون له، فقد تكلف إضماراً لا ضرورة تدعو إليه.

وقرىء: وهذا النبيّ، بالنصب عطفاً على: الهاء، في اتبعوه، فيكون متبعاً لا متبعاً: أي: أحق الناس بإبراهيم من اتبعه، ومحمداً صلى الله عليهما وسلم، ويكون: والذين آمنوا، عطفاً على خبر: إن، فهو في موضع رفع.

وقرىء: وهذا النبي، بالجر، ووجه على أنه عطف على: إبراهيم، أي: إن أولى الناس بإبراهيم وبهذا النبي للذين اتبعوا إبراهيم. و: النبي، قالوا: بدل من هذا، أو: نعت، أو: عطف بيان. ونبه على الوصف الذي يكون به الله ولياً لعباده، وهو: الإيمان. فقال: وليّ المؤمنين، ولم يقل: وليهم. وهذا وعد لهم بالنصر في الدنيا، وبالفوز في الآخرة. وهذا كما قال تعالى: { الله وليّ الذين آمنوا }.

قيل: وجمعت هذه الآيات من البلاغة: التنبيه والإشارة والجمع بين حرفي التأكيد، وبالفصل في قوله: { إن هذا لهو القصص الحق } وفي: { وإنّ الله لهو العزيز } والإختصاص في: { عليم بالمفسدين } وفي: { وليّ المؤمنين } والتجوز بإطلاق اسم الواحد على الجمع في: { إلى كلمة سواء } وباطلاق اسم الجنس على نوعه في: { يا أهل الكتاب } إذا فسر باليهود. والتكرار في: إلا الله، و: إنّ الله، وفي: يا أهل الكتاب تعالوا، يا أهل الكتاب لم. وفي: إبراهيم، و: ما كان إبراهيم، و: إن أولى الناس بإبراهيم. والتشبيه في: أرباباً، لما أطاعوهم في التحليل والتحريم، وأذعنوا إليهم أطلق عليه: أرباباً تشبيهاً بالرب المستحق للعبادة والربوبية، والإجمال في الخطاب في: يا أهل الكتاب، تعالوا يا أهل الكتاب، لم تحاجون، كقول إبراهيم: يا أبت. يا أبت وكقول الشاعر:

مهلاً بني عمنا مهلاً موالينا لا تنبشوا بيننا ما كان مدفوناً

وقول الآخر:

بني عمنا لا تنبشوا الشر بيننا فكم من رماد صار منه لهيب

والتجنيس المماثل في: أولى وولي.