التفاسير

< >
عرض

كَلاَّ وَٱلْقَمَرِ
٣٢
وَٱللَّيْلِ إِذْ أَدْبَرَ
٣٣
وَٱلصُّبْحِ إِذَآ أَسْفَرَ
٣٤
إِنَّهَا لإِحْدَى ٱلْكُبَرِ
٣٥
نَذِيراً لِّلْبَشَرِ
٣٦
لِمَن شَآءَ مِنكُمْ أَن يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ
٣٧
كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ
٣٨
إِلاَّ أَصْحَابَ ٱلْيَمِينِ
٣٩
فِي جَنَّاتٍ يَتَسَآءَلُونَ
٤٠
عَنِ ٱلْمُجْرِمِينَ
٤١
مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ
٤٢
قَالُواْ لَمْ نَكُ مِنَ ٱلْمُصَلِّينَ
٤٣
وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ ٱلْمِسْكِينَ
٤٤
وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ ٱلُخَآئِضِينَ
٤٥
وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ ٱلدِّينِ
٤٦
حَتَّىٰ أَتَانَا ٱلْيَقِينُ
٤٧
فَمَا تَنفَعُهُمْ شَفَاعَةُ ٱلشَّافِعِينَ
٤٨
فَمَا لَهُمْ عَنِ ٱلتَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ
٤٩
كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُّسْتَنفِرَةٌ
٥٠
فَرَّتْ مِن قَسْوَرَةٍ
٥١
بَلْ يُرِيدُ كُلُّ ٱمْرِىءٍ مِّنْهُمْ أَن يُؤْتَىٰ صُحُفاً مُّنَشَّرَةً
٥٢
كَلاَّ بَل لاَّ يَخَافُونَ ٱلآخِرَةَ
٥٣
كَلاَّ إِنَّهُ تَذْكِرَةٌ
٥٤
فَمَن شَآءَ ذَكَرَهُ
٥٥
وَمَا يَذْكُرُونَ إِلاَّ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُ هُوَ أَهْلُ ٱلتَّقْوَىٰ وَأَهْلُ ٱلْمَغْفِرَةِ
٥٦
-المدثر

البحر المحيط

{ كلا }، قال الزمخشري: كلا إنكار بعد أن جعلها ذكرى، أن يكون لهم ذكرى لأنهم لا يتذكرون. انتهى. ولا يسوغ هذا في حق الله تعالى أن يخبر أنها ذكرى للبشر، ثم ينكر أن تكون لهم ذكرى، وإنما قوله: { للبشر }عام مخصوص. وقال الزمخشري: أو ردع لمن ينكر أن يكون إحدى الكبر نذير. وقيل: ردع لقول أبي جهل وأصحابه أنهم يقدرون على مقاومة خزنة جهنم. وقيل: ردع عن الاستهزاء بالعدة المخصوصة. وقال الفراء: هي صلة للقسم، وقدرها بعضهم بحقاً، وبعضهم بألا الاستفتاحية، وقد تقدم الكلام عليها في آخر سورة مريم عليها السلام.

{ والقمر والليل إذ أدبر }: أي ولى، ويقال دبر وأدبر بمعنى واحد. أقسم تعالى بهذه الأشياء تشريفاً لها وتنبيهاً على ما يظهر بها وفيها من عجائب الله وقدرته، وقوام الوجود بإيجادها. وقرأ ابن عباس وابن الزبير ومجاهد وعطاء وابن يعمر وأبو جعفر وشيبة وأبو الزناد وقتادة وعمر بن العزيز والحسن وطلحة والنحويان والابنان وأبو بكر: إذا ظرف زمان مستقبل دبر بفتح الدال؛ وابن جبير والسلمي والحسن: بخلاف عنهم؛ وابن سيرين والأعرج وزيد بن علي وأبو شيخ وابن محيصن ونافع وحمزة وحفص: إذ ظرف زمان ماض، أدبر رباعياً؛ والحسن أيضاً وأبو رزين وأبو رجاء وابن يعمر أيضاً والسلمي أيضاً وطلحة أيضاً والأعمش ويونس بن عبيد ومطر: إذا بالألف، أدبر بالهمز، وكذا هو في مصحف عبد الله وأبيّ، وهو مناسب لقوله: { إذا أسفر }، ويقال: كأمس الدابر وأمس المدبر بمعنى واحد. وقال يونس بن حبيب: دبر: انقضى، وأدبر: تولى. وقال قتادة: دبر الليل: ولى. وقال الزمخشري: ودبر بمعنى أدبر، كقبل بمعنى أقبل. وقيل: هو من دبر الليل النهار: أخلفه. وقرأ الجمهور: أسفر رباعياً؛ وابن السميفع وعيسى بن الفضل: سفر ثلاثياً، والمعنى: طرح الظلمة عن وجهه.

{ إنها لإحدى الكبر }: الظاهر أن الضمير في إنها عائد على النار. قيل: ويحتمل أن يكون للنذارة، وأمر الآخرة فهو للحال والقصة. وقيل: إن قيام الساعة لإحدى الكبر، فعاد الضمير إلى غير مذكور، ومعنى إحدى الكبر: الدواهي الكبر، أي لا نظير لها، كما تقول: هو أحد الرجال، وهي إحدى النساء، والكبر: العظائم من العقوبات.

وقال الراجز:

يا ابن المعلى نزلت إحدى الكبر داهية الدهر وصماء الغير

والكبر جمع الكبرى، طرحت ألف التأنيث في الجمع، كما طرحت همزته في قاصعاء فقالوا قواصع. وفي كتاب ابن عطية: والكبر جمع كبيرة، ولعله من وهم الناسخ. وقرأ الجمهور: لإحدى بالهمز، وهي منقلبة عن واو أصله لوحدى، وهو بدل لازم. وقرأ نصر بن عاصم وابن محيصن ووهب بن جرير عن ابن كثير: بحذف الهمزة، وهو حذف لا ينقاس، وتخفيف مثل هذه الهمزة أن تجعل بين بين. والظاهر أن هذه الجملة جواب للقسم. وقال الزمخشري: أو تعليل لكلا، والقسم معترض للتوكيد. انتهى.

وقرأ الجمهور: { نذيراً }، واحتمل أن يكون مصدراً بمعنى الإنذار، كالنكير بمعنى الإنكار، فيكون تمييزاً: أي لإحدى الكبر إنذاراً، كما تقول: هي إحدى النساء عفافاً. كما ضمن إحدى معنى أعظم، جاء عنه التمييز. وقال الفراء: هو مصدر نصب بإضمار فعل، أي أنذر إنذاراً. واحتمل أن يكون اسم فاعل بمعنى منذر. فقال الزجاج: حال من الضمير في إنها. وقيل: حال من الضمير في إحدى، ومن جعله متصلاً بقم في أول السورة، أو بـفأنذر في أول السورة، أو حالاً من الكبر، أو حالاً من ضمير الكبر، فهو بمعزل عن الصواب. قال أبو البقاء: والمختار أن يكون حالاً مما دلت عليه الجملة تقديره: عظمت نذيراً. انتهى، وهو قول لا بأس به. قال النحاس: وحذفت الهاء من نذيراً، وإن كان للنار على معنى النسب، يعني ذات الإنذار. وقال علي بن سليمان: أعني نذيراً. وقال الحسن: لأنذر، إذ هي من النار. قال ابن عطية: وهذا القول يقتضي أن نذيراً حال من الضمير في إنها، أو من قوله: { لإحدى }. قال أبو رزين: نذير هنا هو الله تعالى، فهو منصوب بإضمار فعل، أي ادعوا نذيراً. وقال ابن زيد: نذير هنا هو محمد صلى الله عليه وسلم، فهو منصوب بفعل مضمر، أي ناد، أو بلغ، أو أعلن. وقرأ أبيّ وابن أبي عبلة: نذير بالرفع. فإن كان من وصف النار، جاز أن يكون خبراً وخبر مبتدأ محذوف، أي هي نذير. وإن كان من وصف الله أو الرسول، فهو على إضمار هو. والظاهر أن لمن بدل من البشر بإعادة الجار، وأن يتقدم منصوب بشاء ضمير يعود على من. وقيل: الفاعل ضمير يعود على الله تعالى، أي لمن شاء هو، أي الله تعالى. وقال الحسن: هو وعيد، نحو قوله تعالى: { فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر } [الكهف: 29] قال ابن عطية: هو بيان في النذارة وإعلام بأن كل أحد يسلك طريق الهدى والحق إذا حقق النظر، إذ هو بعينه يتأخر عن هذه الرتبة بغفلته وسوء نظره. ثم قوى هذا المعنى بقوله تعالى: { كل نفس بما كسبت رهينة }.

وقال الزمخشري: { أن يتقدم } في موضع الرفع بالابتداء، و { لمن شاء } خبر مقدم عليه، كقولك لمن توضأ: أن يصلي، ومعناه مطلق لمن شاء التقدم أو التأخر أن يتقدم أو يتأخر. والمراد بالتقدم والتأخر: السبق إلى الخير والتخلف عنه، وهو كقوله: { { فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر } [الكهف: 29]. انتهى، وهو معنى لا يتبادر إلى الذهن وفيه حذف. قيل: والتقدم: الإيمان، والتأخر: الكفر. وقال السدي: أن يتقدم إلى النار المتقدم ذكرها، أو يتأخر عنها إلى الجنة. وقال الزجاج: أن يتقدم إلى المأمورات، أو يتأخر عن المنهيات، والظاهر العموم في كل نفس. وقال الضحاك: كل نفس حقيق عليها العذاب، ولا يرتهن الله تعالى أحداً من أهل الجنة، ورهينة بمعنى رهن، كالشتيمة بمعنى الشتم، وليست بمعنى مفعول لأنها بغير تاء للمذكر والمؤنث، نحو: رجل قتيل وامرأة قتيل، فالمعنى: كل نفس بما كسبت رهن، ومنه قول الشاعر:

أبعد الذي بالنعف نعف كويكب رهينة رمس ذي تراب وجندل

أي: رمس رهن، والمعنى: أن كل نفس رهن عند الله غير مفكوك. وقيل: الهاء في رهينة للمبالغة. وقيل: على تأنيث اللفظ لا على الإنسان، والذي أختاره أنها مما دخلت فيه التاء، وإن كان بمعنى مفعول في الأصل كالنطيحة، ويدل على ذلك أنه لما كان خبر عن المذكر كان بغير هاء، قال تعالى: { كل امرىء بما كسب رهين } [الطور: 21] فأنت ترى حيث كان خبراً عن المذكر أتى بغير تاء، وحيث كان خبراً عن المؤنث أتى بالتاء، كما في هذه الآية. فأما الذي في البيت فأنث على معنى النفس. { إلا أصحاب اليمين }، قال ابن عباس: هم الملائكة. وقال عليّ: هم أطفال المسلمين. فعلى هذين القولين يكون استثناء منقطعاً، أي لكن أصحاب اليمين في جنات. وقال الحسن وابن كيسان: هم المسلمون المخلصون، ليسوا بمرتهنين لأنهم أدوا ما كان عليهم، وهذا كقول الضحاك الذي تقدم. وقال الزمخشري: { إلا أصحاب اليمين }، فإنهم فكوا عنه رقابهم بما أطابوه من كسبهم، كما يخلص الراهن رهنه بأداء الحق. انتهى. وظاهر هذا أنه استثناء متصل في جنات، أي هم { في جنات يتساءلون }: أي يسأل بعضهم بعضاً، أو يكون يتساءل بمعنى يسأل، أي يسألون عنهم غيرهم، كما يقال: دعوته وتداعوته بمعناه. وعلى هذين التقديرين كيف جاء { ما سلككم في سقر } بالخطاب للمجرمين، وفي الكلام حذف، المعنى: أن أصحاب اليمين يسأل بعضهم بعضاً، أو يسألون غيرهم عن من غاب من معارفهم، فإذا عرفوا أنهم مجرمون في النار قالوا لهم، أو قالت لهم الملائكة: هكذا قدره بعضهم، والأقرب أن يكون التقدير: يتساءلون عن المجرمين قائلين لهم بعد التساؤل: { ما سلككم في سقر }.

وقال الزمخشري: فإن قلت: كيف طابق قوله: { ما سلككم }؟ وهو سؤال للمجرمين، قوله: { يتساءلون عن المجرمين }؟ وهو سؤال عنهم، وإنما كان يطابق ذلك لو قيل يتساءلون عن المجرمين ما سلككم؟ قلت: { ما سلككم } ليس ببيان للتساؤل عنهم، وإنما هو حكاية قول المسؤولين عنهم، لأن المسؤولين يلقون إلى السائلين ما جرى بينهم وبين المجرمين فيقولون: قلنا لهم { ما سلككم في سقر }، { قالوا لم نك من المصلين }، إلا أن الكلام جيء به على الحذف والاختصار، كما هو نهج التنزيل في غرابة نظمه. انتهى، وفيه تعسف. والأظهر أن السائلين هم المتسائلون، وما سلككم على إضمار القول كما ذكرنا، وسؤالهم سؤال توبيخ لهم وتحقير، وإلا فهم عالمون ما الذي أدخلهم النار. والجواب أنهم لم يكونوا متصفين بخصائل الإسلام من إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة، ثم ارتقوا من ذلك إلى الأعظم وهو الكفر والتكذيب بيوم الجزاء، كقولهم: { فلا اقتحم العقبة } [البلد: 11] ثم قال: { ثم كان من الذين آمنوا } [البلد: 17] واليقين: أي يقيناً على إنكار يوم الجزاء، أي وقت الموت. وقال ابن عطية: واليقين عندي صحة ما كانوا يكذبون من الرجوع إلى الله تعالى والدار الآخر. وقال المفسرون: اليقين: الموت، وذلك عندي هنا متعقب، لأن نفس الموت يقين عند الكافر وهو حي. وإنما اليقين الذي عنوا في هذه الآية الشيء الذي كانوا يكذبون به وهم أحياء في الدنيا فتيقنوه بعد الموت، وإنما يتفسر اليقين بالموت في قوله تعالى: { { واعبد ربك حتى يأتيك اليقين } [الحجر: 99] { فما تنفعهم شفاعة الشافعين }: ليس المعنى أنهم يشفع لهم فلا تنفع شفاعة من يشفع لهم، وإنما المعنى نفي الشفاعة فانتفى النفع، أي لا شفاعة شافعين لهم فتنفعهم من باب:

عـلى لاحـب لا يهتـدي بمنـاره

أي: لا منار له فيهتدي به. وتخصيصهم بانتفاء شفاعة الشافعين يدل على أنه قد تكون شفاعات وينتفع بها، ووردت أحاديث في صحة ذلك. { فما لهم عن التذكرة }: وهي مواعظ القرآن التي تذكر الآخرة، { معرضين }: أي والحال المنتظرة هذه الموصوفة. ثم شبههم بالحمر المستنفرة في شدة إعراضهم ونفارهم عن الإيمان وآيات الله تعالى. وقرأ الجمهور: { حمر } بضم الميم؛ والأعمش: بإسكانها. قال ابن عباس: المراد الحمر الوحشية، شبههم تعالى بالحمر مذمة وتهجيناً لهم. وقرأ نافع وابن عامر والمفضل عن عاصم: { مستنفرة } بفتح الفاء، والمعنى: استنفرها: فزعها من القسورة؛ وباقي السبعة: بكسرها، أي نافرة نفر، واستنفر بمعنى عجب واستعجب وسر واستسخر، ومنه قول الشاعر:

أمسك حمارك إنه مستنفر في إصر أحمرة عهدن لعرّب

ويناسب الكسر قوله: { فرّت }. وقال محمد بن سلام: سألت أبا سرار العتوي، وكان أعرابياً فصيحاً، فقلت: كأنهم حمر ماذا مستنفرة طردها قسورة؟ فقلت: إنما هو { فرّت من قسورة }، قال: أفرّت؟ قلت: نعم، قال: فمستنفرة إذن. قال ابن عباس وأبو موسى الأشعري وقتادة وعكرمة: القسورة: الرماة. وقال ابن عباس أيضاً وأبو هريرة وجمهور من اللغويين: الأسد. وقال ابن جبير: رجال القنص، وهو قريب من القول الأول، وقاله ابن عباس أيضاً. وقال ابن الأعرابي: القسورة أول الليل، والمعنى: فرّت من ظلمة الليل، ولا شيء أشدّ نفاراً من حمر الوحش، ولذلك شبهت بها العرب الإبل في سرعة سيرها وخفتها.

{ بل يريد كل امرىء منهم }: أي من المعرضين عن عظات الله وآياته، { أن يؤتى صحفاً منشرةً }: أي منشورة غير مطوية تقرأ كالكتب التي يتكاتب بها، أو كتبت في السماء نزلت بها الملائكة ساعة كتبت رطبة لم تطو بعد، وذلك أنهم قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم: لن نتبعك حتى يؤتى كل واحد منا بكتاب من السماء عنوانه: من رب العالمين إلى فلان بن فلان، يؤمر فيها باتباعك، ونحوه { ولن نؤمن لرقيك حتى تنزل علينا كتاباً نقرؤه } [الإسراء: 93] وروي أن بعضهم قال: إن كان يكتب في صحف ما يعمل كل إنسان، فلتعرض تلك الصحف علينا، فنزلت هذه الآية. وقرأ الجمهور: { صحفاً } بضم الصاد والحاء، { منشرةً } مشدّداً؛ وابن جبير: بإسكانها منشرة مخففاً، ونشر وأنشر مثل نزل وأنزل. شبه نشر الصحيفة بإنشار الله الموتى، فعبر عنه بمنشرة من أنشرت، والمحفوظ في الصحيفة والثوب نشر مخففاً ثلاثياً، ويقال في الميت: أنشره الله فنشر هو، أي أحياه فحيـي.

{ كلا }: ردع عن إرادتهم تلك وزجر لهم عن اقتراح الآيات، { بل لا يخافون الآخرة }، ولذلك أعرضوا عن التذكرة لا لامتناع إيتاء الصحف. وقرأ الجمهور: { يخافون } بياء الغيبة؛ وأبو حيوة: بتاء الخطاب التفاتاً. { كلا }: ردع عن إعراضهم عن التذكرة، { إنه تذكرة فمن شاء ذكره }: ذكر في إنه وفي ذكره، لأن التذكرة ذكر. وقرأ نافع وسلام ويعقوب: تذكرة بتاء الخطاب ساكنة الذال؛ وباقي السبعة وأبو جعفر والأعمش وطلحة وعيسى والأعرج: بالياء. وروي عن أبي حيوة: يذكرون بياء الغيبة وشد الذال. وروي عن أبي جعفر: تذكرون بالتاء وإدغام التاء في الذال. { هو أهل التقوى }: أي أهل أن يتقي ويخاف، وأهل أن يغفر. وروى أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم فسر هذه الآية فقال: "يقول لكم ربكم جلت قدرته وعظمته: أنا أهل أن أتقى، فلا يجعل يتقى إله غيري، ومن اتقى أن يجعل معي إلهاً غيري فأنا أغفر له" . وقال الزمخشري: في قوله تعالى { وما يذكرون إلا أن يشاء الله }، يعني: إلا أن يقسرهم على الذكر ويلجئهم إليه، لأنهم مطبوع على قلوبهم معلوم أنهم لا يؤمنون إختياراً.