التفاسير

< >
عرض

إِنَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَٱلَّذِينَ هَادُواْ وَٱلنَّصَارَىٰ وَٱلصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ
٦٢
وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ ٱلطُّورَ خُذُواْ مَآ ءَاتَيْنَٰكُم بِقُوَّةٍ وَٱذْكُرُواْ مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ
٦٣
ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ مِّن بَعْدِ ذٰلِكَ فَلَوْلاَ فَضْلُ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَكُنْتُم مِّنَ ٱلْخَاسِرِينَ
٦٤
وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ ٱلَّذِينَ ٱعْتَدَواْ مِنْكُمْ فِي ٱلسَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُواْ قِرَدَةً خَاسِئِينَ
٦٥
فَجَعَلْنَاهَا نَكَالاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهَا وَمَا خَلْفَهَا وَمَوْعِظَةً لِّلْمُتَّقِينَ
٦٦
-البقرة

غرائب القرآن و رغائب الفرقان

القراءات: { النصارى } بالإمالة: أو عمرو وحمزة وعلي وخلف وورش من طريق النجاري، والخراز عن هبيرة، وكذلك كل راء بعدها ياء. وروى قتيبة بكسر الصاد والراء، وكذلك قوله { سكارى } و { أسارى } و { يوارى } و { أوارى } كلها بإمالة ما قبل الألف { والصابئين } بغير همزة: أبو جعفر ونافع وحمزة في الوقف وإن شاء لين الهمزة.
الوقوف: { عند ربهم } (ز) لنوع عدول عن إثبات إلى نفي مع اتفاق الجملتين. و { يحزنون } (ه) { الطور } (ط) لأن التقدير: قلنا لكم خذوا { تتقون } (ه) { من بعد ذلك } (ج) لأن "لولا" للابتداء وقد دخل الفاء فيه { الخاسرين } (ه) { خاسئين } (ه) (ج) للآية والعطف بالفاء { المتقين } (ه).
التفسير: قد انجرّ الكلام في الآي المتقدمة إلى وعيد أهل الكتاب ومن يقفو آثارهم، فقرن به ما يتضمن الوعد جرياً على عادته سبحانه من ذكر الترغيب مع الترهيب فقال { إن الذين آمنوا }. واختلف المفسرون ههنا لأن قوله في آخر الآية { من آمن }. يدل على أن المراد من قوله { آمنوا } شيء آخر، كقوله
{ يا أيها الذين آمنوا آمِنوا } [النساء: 136]. فعن ابن عباس: المراد أن الذين آمنوا قبل مبعث محمد صلى الله عليه وسلم بعيسى عليه السلام مع البراءة من أباطيل اليهود والنصارى كقس بن ساعدة وزيد بن عمرو بن نفيل وورقة بن نوفل وسلمان الفارسي وأبي ذر الغفاري. كأنه قيل: إن الذين آمنوا قبل مبعث محمد صلى الله عليه وسلم، والذين كانوا على الدين الباطل لليهود، والذين كانوا على الدين الباطل للنصارى، كل من آمن بعد مبعث محمد صلى الله عليه وسلم بالله واليوم الآخر وبمحمد صلى الله عليه وسلم فلهم أجرهم. وعن سفيان الثوري: إن الذين آمنوا باللسان دون القلب وهم المنافقون، والذين تهوّدوا يقال هاد يهود وتهود إذا دخل في اليهودية، والنصارى، والصابئين، كل من أتى منهم بالإيمان الحقيقي، فلهم كذا. وقيل: الذين آمنوا هم المؤمنون بمحمد صلى الله عليه وسلم في الحقيقة، وهو عائد إلى الماضي. وكأنه قيل: إن الذين آمنوا في الماضي، واليهود والنصارى والصابئين، كل من آمن منهم وثبت على ذلك في المستقبل واستمر. واشتقاق اليهود قيل من قولهم { إنا هدنا إليك } [الأعراف: 156] أي تبنا ورجعنا. عن ابن عباس: وقيل نسبوا إلى يهودا أكبر ولد يعقوب. وقيل: إنهم يتهودون أي يتحرّكون عند قراءة التوراة. واشتقاق النصارى قبل من ناصرة قرية كان ينزلها عيسى صلى الله عليه وسلم قاله ابن عباس وقتادة وابن جريج. وقيل: لتناصرهم فيما بينهم أي لنصرة بعضهم بعضاً. وقيل: لأن عيسى عليه السلام قال للحواريين من أنصاري إلى الله. واحد النصارى نصران، ومؤنثه نصرانة: والياء في نصراني للمبالغة كالتي في أحمري، والصابئين بالهمزة اشتقاقه من صبأ الرجل يصبأ صبواً إذا خرج من دينه إلى دين آخر. وكانت العرب يسمون النبي صلى الله عليه وسلم صابئاً لأنه صلى الله عليه وسلم أظهر ديناً على خلاف أديانهم. عن مجاهد والحسن: هم طائفة من اليهود والمجوس لا تؤكل ذبائحهم ولا تنكح نساؤهم. وعن قتادة: قوم يعبدون الملائكة ويصلون للشمس كل يوم خمس مرات. وقيل: وهو الأقرب - إنهم قوم يعبدون الكواكب ثم فيهم قولان:الأوّل أن خالق العالم هو الله سبحانه إلا أنه أمر بتعظيم هذه الأجرام واتخاذها قبلة للصلاة والدعاء. والثاني أنه سبحانه خلق الأفلاك والكواكب وفوّض التدبير إليها، فيجب على البشر تعظيمها لأنها هي الآلهة المدبرة لهذا العالم، ثم إنها تعبد الله سبحانه. وينسب هذا المذهب إلى الكلدانيين الذين جاءهم إبراهيم عليه السلام، فبين الله تعالى أن هذه الفرق الأربع إذا آمنوا بالله ويدخل فيه الإيمان بكل ما أوجبه كالإيمان برسله وآمنوا باليوم الآخر وبما وعد فيه، فإن أجرهم متيقن جار مجرى الحاصل عند الله تعالى. ومحل { من آمن } رفع على أنه مبتدأ خبره { فلهم أجرهم } والجملة خبر "إن"، أو نصب على أنه بدل من اسم "أن". والمعطوفات عليه. وخبر "أن" { فلهم أجرهم } والفاء لتضمن من أو الذين معنى الشرط. قال أهل البرهان: قدم النصارى على الصابئين لأنهم أهل كتاب، وعكس الترتيب في الحج لأن الصابئين مقدمة على النصارى بالزمان، وراعى في المائدة المعنيين فقدمهم في اللفظ وأخرهم في التقدير، لأن تقديره: والصابئون كذلك. وقوله سبحانه { وإذا أخذنا ميثاقكم } مخاطبة فيها معاتبة لاستمالها على تذكير النعم وتقدير المنعم. وللمفسرين في هذا الميثاق أقوال: أحدها: أنه ما أودع الله العقول من الدلائل الدالة على وجود الصانع وقدرته وحكمته وعلى صدق أنبيائه ورسله وهو أقوى المواثيق والعهود، لأنه لا يحتمل الخلف والكذب والتبدل بوجه من الوجوه وهو قول الأصم، وثانيها ما روي عن عبد الرحمن ابن زيد بن أسلم أن موسى عليه السلام لما رجع من عند ربه بالألواح، قرأوا ما فيها من الأخبار والتكاليف الشاقة فكبرت عليهم وأبوا قبولها، أمر جبرائيل بقلع الطور من أصله ورفعه فظلله فوقهم وقال لهم موسى: إن قبلتم وإلا ألقي عليكم فحينئذ قبلوا وأعطوا الميثاق. وعن ابن عباس: إن لله ميثاقين الأول، حين أخرجهم من صلب آدم على أنفسهم، والثاني أنه تعالى ألزم الناس متابعة الأنبياء. والمراد ههنا هو هذا العهد. وإنما قال { ميثاقكم } ولم يقل "مواثيقكم" للعلم بذلك كقوله { يخرجكم طفلاً } [غافر: 67] أي كل واحد منكم، أو لأن الميثاق بشيء واحد أخذه من كل واحد منهم. ولو قال مواثيقكم لأشبه أن يكون لكل منهم ميثاق آخر. والواو في { ورفعنا } إما واو عطف إن جعل الميثاق مقدماً على رفع الجبل كما في قول الأصم وابن عباس، وإما واو الحال إن جعل مقارناً للرفع، كأنه قال: وإذ أخذنا ميثاقكم عند رفعنا الطور فوقكم والطور. قيل: الجبل مطلقاً. وعن ابن عباس: أنه جبل من جبال فلسطين. وقيل: جبل معهود، والأقرب أنه الجبل الذي وقعت المناجاة عليه، وقد يجوز أن ينقله الله تعالى إلى حيث هم فيجعله فوقهم وإن كان بعيداً منهم، فإن القادر على أن يسكن الجبل في الهواء قادر على أن ينقله إليهم من المكان البعيد.
{ خذوا } على إرادة القول أي وقلنا خذوا { ما آتيناكم } من الكتاب { بقوّة } بجد وعزيمة غير متكاسلين ولا متثاقلين وقيل: بقوة ربانية { واذكروا ما فيه } احفظوا ما في الكتاب وادرسوه ولا تنسوه ولا تغفلوا عنه، وإنما لم يحمل على نفس الذكر لأن الذكر الذي هو ضد النسيان من فعل الله فكيف يجوز الأمر به؟ { لعلكم تتقون } رجاء منكم أن تكونوا متقين، أو قلنا خذوا إرادة أن تتقوا { ثم توليتم } معطوف على محذوف أي فقبلتم والتزمتم ثم أعرضتم عن الميثاق والوفاء به. ويمكن أن يقال أخذ الميثاق عبارة عن قبولهم فلا حاجة إلى تقدير { من بعد ذلك } أي من بعد القبول والالتزام. قال القفال: قد يعلم في الجملة أنهم بعد قبول التوراة ورفع الطور تولوا عن التوراة بأمور كثيرة، فحرفوا التوراة وتركوا العمل به وقتلوا الأنبياء وكفروا بهم وعصوا أمرهم. ولعل فيها ما اختص به بعضهم دون بعض، ومنها ما عمله أوائلهم ومنها ما فعله متأخروهم ولم يزالوا في التيه مع مشاهدتهم الأعاجيب ليلاً ونهاراً يخالفون موسى ويعترضون عليه ويلقونه بكل أذى، ويجاهرون بالمعاصي في عسكره، حتى لقد خسف ببعضهم وأحرقت النار بعضهم وعوقبوا بالطاعون، وكل هذا مذكور في تراجم التوراة التي يقرأونها، ثم فعل متأخروهم ما لا خفاء به حتى عوقبوا بتخريب بيت المقدس، وكفروا بالمسيح وهموا بقتله، فغير عجيب إنكارهم ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم من الكتاب، وجحودهم لحقه صلى الله عليه وسلم وحالهم في كتابهم ونبيهم ما ذكر { فلولا فضل الله عليكم ورحمته } بإمهالكم وتأخير العذاب عنكم { لكنتم من الخاسرين } أي من الهالكين الذين باعوا أنفسهم بنار جهنم، ولكنكم خرجتم من هذا الخسران لأن الله تعالى تفضل عليكم بالإمهال حتى تبتم. فإن كلمة "لولا" تدل على امتناع الثاني لوجود الأول، فامتنع الخسران لوجود فضل الله. ويحتمل أن يكون الخبر قد انتهى عند قوله { ثم توليتم من بعد ذلك } ويكون قوله { فلولا فضل الله } رجوعاً بالكلام إلى أوّله، أي لولا لطف الله بكم برفع الجبل فوقكم لدمتم على ردكم للكتاب، ولكنه تفضل عليكم ورحمكم ولطف بكم بذلك حتى تبتم.
قوله عز من قائل { ولقد علمتم } اللام للابتداء، ولا تكاد تدخل الماضي بدون قد لأنها ولتأكيد مضمون الجملة الاسمية نحو: لزيد قائم، أو لتأكيد المضارع نحو: ليضرب زيد. لكن قد تقرب الماضي من الحال فيصير الماضي كالمضارع مع تناسب معنى "قد". ومعنى "اللام" في التحقيق، وعند الكوفيين يقدر القسم قبله. عن ابن عباس: إن هؤلاء القوم كانوا في زمن داود عليه السلام بأيلة على ساحل البحر بين المدينة والشأم، وهو مكان من البحر يجتمع إليه الحيتان من كل أوب في شهر من السنة حتى لا يرى الماء لكثرتها، وفي غير ذلك الشهر في كل سبت خاصة، فحفروا حياضاً عند البحر وشرعوا إليها الجداول، وكانت الحيتان تدخلها فيصطادونها يوم الأحد. فذلك الحبس في الحياض هو اعتداؤهم، ثم إنهم أخذوا السمك واستغنوا بذلك وهم خائفون من العقوبة، فلما طال العهد استنت الأبناء سنة الآباء واتخذوا الأموال، فمشى إليهم طوائف من أهل المدينة الذين كرهوا الصيد في السبت فنهوهم فلم ينتهوا وقالوا: نحن في هذا العمل منذ زمان فما زادنا الله به إلا خيراً. فقيل لهم: لا تغتروا بذلك فربما ينزل بكم العذاب والهلاك. فأصبح القوم وهم قردة خاسئون فمكثوا ثلاثة أيام ثم ماتوا. قال بعضهم: وفي الكلام حذف أي ولقد علمتم اعتداء الذين اعتدوا ليكون المذكور من العقوبة جزاء لذلك. والسبت مصدر سبتت اليهود إذا عظمت يوم السبت والاعتداء فيه، إما نفس الاصطياد لأنهم أمروا فيه بالتجرد للعبادة فجاوزوا ما حد لهم واشتغلوا بالصيد، وإما الاصطياد مع استحلاله. وقوله { كونوا } المراد منه سرعة الإيجاد وإظهار القدرة وإن لم يكن هناك قول
{ إنما قولنا لشيء إذا أردناه أن نقول له كن فيكون } [النحل: 40] { وقردة خاسئين } خبر "إن" أي كونوا جامعين بين القردة، والخسوء وهو الصغار والطرد. عن مجاهد أنه مسخ قلوبهم بمعنى الطبع والختم لا أنه مسخ صورهم وهو مثل قوله { كمثل الحمار يحمل أسفاراً } [الجمعة: 5] ونظيره أن يقول الأستاذ للمتعلم البليد الذي لا ينجع فيه تعليمه: كن حماراً. واحتج بأن الإنسان هو هذا الهيكل المحسوس، فإذا أبطله وخلق مكانه تركيب القرد رجع حاصل المسخ إلى إعدام الأعراض التي باعتبارها كان ذلك الجسم إنساناً، وإيجاد أعراض أخر باعتبارها صار قرداً. وأيضاً لو جوزنا ذلك لم نأمن في كل ما نراه قرداً وكلباً أنه كان إنساناً عاقلاً وذلك شك في المشاهدات. وأجيب بأن الإنسان ليس هذا الهيكل لتبدله بالسمن والهزال فهو أمر وراء ذلك، إما جسماني سار في جميع البدن، أو جزء في جانب من البدن كقلب أو دماغ، أو مجرد كما يقوله الفلاسفة. وعلى التقادير فلا امتناع في بقاء ذلك الشيء مع تطرق التغير إلى هذا الهيكل وهذا هو المسخ، وبهذا التأويل يجوز في الملك الذي تكون جثته في غاية العظم أن يدخل حجرة الرسول صلى الله عليه وسلم، ولأنه لم يتغير منهم إلا الخلقة والصورة والعقل، والفهم باقٍ فإنهم يعرفون ما نالهم بشؤم المعصية من تغير الخلقة وتشوّه الصورة وعدم القدرة على النطق وسائر الخواص الإنسانية، فيتألمون بذلك ويتعذبون، ثم أولئك القرود بقوا أو أفناهم الله، وإن بقوا فهذه القرود التي في زماننا من نسلهم أم لا، الكل جائز عقلاً إلا أن الرواية عن ابن عباس أنهم ما مكثوا إلا ثلاثة أيام ثم هلكوا { فجعلناها } أي المسخة أو القردة أو قرية أصحاب السبت أو هذه الأمة { نكالاً } عقوبة شديدة رادعة عن الإقدام على المعصية. والنكول عن اليمين الامتناع عنها. ولم يقصد بذلك ما يقصده الناس من التشفي وإطفاء نائرة الغيظ، وإنما جعلناها عبرة لما قبلها ومعها وبعدها من الأمم والقرون، لأن مسختهم ذكرت في كتب الأولين فاعتبروا بها وسيبلغ خبرها إلى الآخرين فيعتبرون، أو أريد بما بين يديها ما بحضرتها من القرى والأمم، أو جعلناها عقوبة لجميع ما ارتكبوه قبل هذا الفعل وبعده، هكذا قال بعضهم، والأولى عندي أن يقال: جعلناها عقوبة لأجل ذنوب تقدمت المسخة، ولأجل ذنوب تأخرت عنها، لأنهم إن لم يكونوا ممسوخين لم ينتهوا عنها فهم في حكم المرتكبين لها. ولا يلزم من ذلك تجويز العقاب على الذنب المفروض الموهوم لأنه أمر اعتباري، والعقوبة في نفسها واحدة ثابتة على حالها لم تزدد لأجل الذنب المتأخر شيئاً، فليس الأمر فيه كمن ضرب عبده لأجل الإباق المتقدم مائة جلدة، ولأجل الإباق المتأخر المترقب مائة أخرى، ولكنه كمن قيد عبده أو حبسه لأجل الإباق المتقدم والإباق المترقب والله أعلم { وموعظة للمتقين } لأن منفعة الاتعاظ تعود إليهم لا إلى غيرهم مثل { هدى للمتقين } أو ليعظ المتقون بعضهم بعضاً. وقيل: للمتقين الذين نهوهم عن الاعتداء من صالحي قومهم.