التفاسير

< >
عرض

وَمَا كَانَ ٱلنَّاسُ إِلاَّ أُمَّةً وَاحِدَةً فَٱخْتَلَفُواْ وَلَوْلاَ كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ فِيمَا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ
١٩
وَيَقُولُونَ لَوْلاَ أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِّن رَّبِّهِ فَقُلْ إِنَّمَا ٱلْغَيْبُ للَّهِ فَٱنْتَظِرُوۤاْ إِنِّي مَعَكُمْ مِّنَ ٱلْمُنتَظِرِينَ
٢٠
وَإِذَآ أَذَقْنَا ٱلنَّاسَ رَحْمَةً مِّن بَعْدِ ضَرَّآءَ مَسَّتْهُمْ إِذَا لَهُمْ مَّكْرٌ فِيۤ آيَاتِنَا قُلِ ٱللَّهُ أَسْرَعُ مَكْراً إِنَّ رُسُلَنَا يَكْتُبُونَ مَا تَمْكُرُونَ
٢١
-يونس

الجواهر الحسان في تفسير القرآن

وقوله سبحانه: { وَمَا كَانَ ٱلنَّاسُ إِلاَّ أُمَّةً وَاحِدَةً فَٱخْتَلَفُواْ } قالت فرقة: المراد آدم كان أُمة وحده، ثم اختلف الناس بعده، وقالت فرقة: المراد آدم وبنوه مِنْ لدن نزوله إلى قتل أحد ٱبنيه الآخَرَ، ويحتمل أن يريد: كان الناس صِنْفاً واحداً بالفِطْرة معدًّا للاهتداء، وقد تقدَّم الكلام علَى هذا في قوله سبحانه: { { كَانَ ٱلنَّاسُ أُمَّةً وٰحِدَةً } [البقرة:213].

وقوله سبحانه: { وَلَوْلاَ كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ } يريد: قضاءه وتقديره لبني آدم بالآجال المؤقَّتة، ويحتمل أنْ يريد: الكَلِمَةَ في أمر القيامة، وأنَّ العقابَ والثوابَ إِنما يكونُ حينئذٍ.

وقوله: { فَقُلْ إِنَّمَا ٱلْغَيْبُ لِلَّهِ } أي: إِنْ شاء فَعَلَ، وإِن شاء لَمْ يَفْعَلْ.

وقوله: { فَٱنتَظِرُواْ }: وعيدٌ.

وقوله سبحانه: { وَإِذَا أَذَقْنَا ٱلنَّاسَ رَحْمَةً مِّن بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُمْ... } الآية: هذه الآية في الكفَّار، وهي بعْدُ تتناول من العُصَاةِ مَنْ لا يؤدي شكر اللَّه عند زوال المَكْروه عنه، ولا يرتدعُ بذلك عن معاصيه، وذلك في الناس كثيرٌ، والرحمة هنا بعد الضرَّاء؛ كالمطر بعد القَحْط، والأمن بعد الخَوْف ونحو هذا ممَّا لا ينحصر، والمَكْر: ٱلاستهزاء والطَّعْن عليها مِن الكُفَّار وٱطِّراح الشكر والخوف من العصاة.

وقال أبو عليٍّ: { أَسْرَعُ } من «سَرُعَ» لا من «أَسْرَعَ يُسْرِعُ»، إِذ لو كان من «أَسْرَعَ»، لكان شاذًّا.

قال * ع * وفي الحديث في نار جهنم: « لَهِيَ أَسْوَدُ مِنَ القَارِ » وما حفظ للنبيِّ صلى الله عليه وسلم، فليس بشَاذٍ. * ص *: وَرُدَّ بأَنْ «أَسْوَدُ» مِنْ «فَعِلَ» لا من «ٱفْعَلَّ»: تقولُ: سَوِدَ فَهُوَ أَسْوَدُ، وإِنما ٱمتنَعَ من «سَوِدَ» ونحوِه عِنْد البَصْرِيِّين؛ لأنه لَوْنٌ. انتهى.