التفاسير

< >
عرض

وَٱلْعَادِيَاتِ ضَبْحاً
١
فَٱلمُورِيَاتِ قَدْحاً
٢
فَٱلْمُغِيرَاتِ صُبْحاً
٣
فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعاً
٤
فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعاً
٥
إِنَّ ٱلإِنسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ
٦
-العاديات

الجواهر الحسان في تفسير القرآن

قال ابنُ عباس وغيره: المرادُ بـ{ وَٱلْعَـٰدِيَـٰتِ }: الخيلُ؛ لأَنها تَعْدُو بالفُرْسَانِ، وَتَضْبَحُ بأصْوَاتِها، وعن ابن مسعود وعلي أن { ٱلْعَـٰدِيَـٰتِ } هنا: الإبِلُ لأنها تَضْبَحُ في عَدْوِها، قال علي ـــ رضي اللَّه عنه ـــ: والقَسَمُ بالإبل العادياتِ مِنْ عَرَفَةَ ومِنَ المُزْدَلِفَةِ، إذا دَفَعَ الحاجُّ، وبإبِل غَزْوَةِ بدرٍ، والضَّبْحُ تَصْوِيتٌ جَهِيرٌ عِنْدَ العَدْوِ، قال الداوودي: وهو الصوتُ الذي يُسْمَعُ من أجوافِها وقتَ الرَّكْضِ، انتهى.

وقوله تعالى: { فَٱلمُورِيَـٰتِ قَدْحاً } قال علي وابن مسعود هي: الإبلُ؛ وذلك بأنها [في] عَدْوِها تَرْجُمُ الحَصْبَاءَ بالحَصْبَاءِ فَتَتَطَايرُ منهَا النارُ، فذلك القَدْحُ، وقال ابن عباس: هي الخيلُ؛ وذلكَ بِحَوَافِرِها في الحِجَارة، وقال ابن عباس أيضاً وجماعةٌ الكلام عَامٌّ يَدْخُلُ في القَسَمِ كلُّ مَنْ يُظْهِرُ بِقَدْحِه ناراً. * ص *: { قَدْحاً } أبو البقاءِ: مَصْدَرٌ مؤكِّد؛ لأَن المُورِيَ هُوَ القَادِح، انتهى، { فَٱلْمُغِيرٰتِ صُبْحاً } قال علي وابن مسعود هي: الإبلُ مِنْ مزدلفةَ إلى مِنًى، وفي بدرٍ، وقال ابن عباس وجماعة كثيرة: هي الخيلُ، واللَّفْظَةُ منَ الغَارَةِ في سبيلِ اللَّهِ وغير ذلك من سير الأُمَمِ وعُرْفُ الغَارَاتِ أنَّها مَعَ الصَّبَاحِ، والنَّفْعُ الغبارُ الساطِعُ المثَارُ، والضمير في { بِهِ } ظاهرُه أَنَّه للصُّبْحِ المذكورِ، ويحتملُ أنْ يكونَ للمكانِ والموْضِع الذي يقتضيه المعنى، ومشهورٌ إثارةُ النَّقْعِ هو للخيل، وقال علي: هو هنا للإبل.

{ فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعاً } قال علي وابن مسعود هي: الإبلُ، و{ جَمْعاً } هي المزدلفة، وقال ابن عباس وجماعة: هي الخيلُ، والمرادُ جَمْعٌ مِنَ الناسِ هم المَغْزُوُّونَ، والقَسَمُ واقِع على قوله: { إِنَّ ٱلإِنسَـٰنَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ } ورُوِيَ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: "أَتَدْرُونَ مَا الكَنُودُ؟ قَالُوا: لاَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: هُوَ الكَفُورُ الَّذِي يَأْكُلُ وَحْدَهُ، وَيَمْنَعُ رِفْدَهُ، وَيَضْرِبُ عَبْدَهُ" ، وقد يَكُونُ في المؤمِنينَ الكَفُورُ بالنِّعْمَةِ فتقديرُ الآيةِ: إنَّ الإنْسَانَ لِنعمةِ ربِّه لَكَنُودٌ، وأَرْضٌ كَنُودٌ: لاَ تُنْبِتُ شَيْئاً، والكَنُودُ: العَاصِي بلُغَةِ كِنْدَة، ويقال للبخيل: كَنُودٌ، وفي البخاريِّ عن مجاهدٍ: الكَنُودُ الكَفُورُ، انتهى.