التفاسير

< >
عرض

كَلاَّ لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ ٱلْيَقِينِ
٥
لَتَرَوُنَّ ٱلْجَحِيمَ
٦
ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ ٱلْيَقِينِ
٧
ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ ٱلنَّعِيمِ
٨
-التكاثر

الجواهر الحسان في تفسير القرآن

وقوله تعالى: { كَلاَّ لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ ٱلْيَقِينِ } جوابُ «لو» محذوفٌ تقديرهُ لاَزْدُجِرْتُمْ، [وبَادَرْتُم] إنقاذَ أنفُسِكم من الهَلَكَةِ، واليقينُ أعلى مراتبِ العلم، ثم أخْبَرَ تعالى الناسَ أنَّهُم يَرَوْنَ الجحيمَ، وقال ابن عباس: هذا خطابٌ للمشركينَ والمَعْنَى على هذا التأويلِ: أنها رؤيةُ دخولٍ وصَلْيٍ؛ وَهُوَ عينُ اليقينِ لَهُم، وقال آخرونَ: الخطابُ للناسِ كلِّهم، فهي كقوله تعالى: { { وَإِن مِّنكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا } [مريم:71] فالمعنى أنّ الجميعَ يَرَاها؛ ويجوزُ النَّاجِي وَيَتَكَرْدَسُ فيها الكافرُ، * ص *: { لَتَرَوُنَّ } ابن عامر والكسائي ـــ بضم التاء ـــ، والباقون بفتحها، انتهى.

وقوله تعالى: { ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ ٱلْيَقِينِ } تأكيدٌ في الخبرِ، وعينُ اليقينِ: حقيقتُه وغايتُه، ثم أخْبَر تعالى أنّ الناسَ مَسْؤولونَ يَوْمَئِذٍ عَنْ نعيمِهم في الدنيا؛ كيفَ نالُوه ولِمَ آثَرُوهُ، وتَتَوَجَّهُ في هذا أسئلةٌ كَثِيرَةٌ بِحَسَبِ شَخْصٍ شَخْصٍ، وهِيَ مُنْقَادَةٌ لِمَنْ أُعْطِيَ فَهْماً في كِتَابِ اللَّه ـــ عز وجل ـــ، وقد قال صلى الله عليه وسلم لأصْحابِه: "والَّذِي نَفْسِي بِيَدِه، لَتُسْأَلُنَّ عَنْ نَعِيمِ هٰذَا الْيَوْمِ" ، الحديثُ في الصحيح؛ إذْ ذَبَحَ لَهُمْ أبُو الهَيْثَمِ بْنُ التَّيِّهَانِ شَاةً وَأَطْعَمَهُمْ خُبْزاً وَرُطَباً، وٱسْتَعْذَبَ لَهُمْ مَاءً، وَعَنْ أبي هريرةَ في حديثهِ في مسيرِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم وأبي بكرٍ وعمرَ إلَىٰ بَيْتِ أبي الهَيْثَمِ، وأكْلِهِمُ الرُّطَبَ وَاللَّحْمَ وَشُرْبِهمُ المَاءَ، وقوله صلى الله عليه وسلم هٰذَا هُوَ النَّعِيمُ الَّذِي تُسْأَلُونَ عَنْهُ يَوْمَ القِيَامَةِ، وإنَّ ذَلِكَ كَبُرَ عَلَىٰ أصحابهِ، وإنَّ رسولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم قَال: "إذا أَصَبْتُمْ مِثْلَ هٰذَا وَضَرَبْتُمْ بِأَيْدِيكُمْ، فَقُولُوا: بِٱسْمِ اللَّهِ، وَعَلَىٰ بَرَكَةِ اللَّهِ، وَإذَا شَبِعْتُمْ، فَقُولُوا: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَشْبَعَنَا وَأَرْوَانَا، وَأَنْعَمَ عَلَيْنَا وَأَفْضَلَ، فَإنَّ هٰذَا كَفَافٌ [بِذَاكَ]" هذا مختصرٌ رواه الحاكم في المستدركِ، انتهى من «سلاح المؤمن» قال الداوديُّ: وعن الحسنِ وقَتَادَة: ثَلاَثٌ لا يَسْأَلُ اللَّهُ عنهنّ ابنَ آدمَ ومَا عَدَاهُنَّ فيه الحسابُ والسؤال؛ إلا مَا شَاءَ اللَّهُ: كسوةٌ يوارِي بها سوءَتَه، وكِسْرَةٌ يَشُدَّ بِهَا صلبَه، وبيتٌ يُكِنُّه مِنَ الحرِّ والبردِ، انتهى.