التفاسير

< >
عرض

أَرَأَيْتَ ٱلَّذِي يُكَذِّبُ بِٱلدِّينِ
١
فَذَلِكَ ٱلَّذِي يَدُعُّ ٱلْيَتِيمَ
٢
وَلاَ يَحُضُّ عَلَىٰ طَعَامِ ٱلْمِسْكِينِ
٣
فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ
٤
ٱلَّذِينَ هُمْ عَن صَلاَتِهِمْ سَاهُونَ
٥
ٱلَّذِينَ هُمْ يُرَآءُونَ
٦
وَيَمْنَعُونَ ٱلْمَاعُونَ
٧
-الماعون

الجواهر الحسان في تفسير القرآن

قوله سبحانه: { أَرَءَيْتَ ٱلَّذِى يُكَذِّبُ بِٱلدِّينِ } الآية، توقيفٌ وتنبيهٌ لِتَتَذكَّرَ نَفْسُ السامعِ كلَّ من تعرفُه بهذه الصفةِ، والدينُ: الجزاءُ.

ودعُّ اليتيِمِ: دَفْعُه بعُنْفٍ؛ إمَّا عن إطعامهِ والإحْسَانِ إليه، وإما عن حقِّه ومالِه، وهو أشد، ويُرْوَى أَن هذهِ الآيةَ نزلتْ في بعضِ المُضْطَرِبِينَ في الإسلام بمكةَ، لم يُحَقِّقُوا فيه، وفُتِنُوا فَافْتَتَنُوا، وربَّمَا كَانَ يصلى بعضُهم أحياناً مع المسلمينَ مدافعَةً وحَيْرَةً، فقال تعالى فيهم: { فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ } الآية، ونقل الثعلبي عن ابن عباس وغيره؛ أنَّ الآيةَ نزلتْ في العاصِ بن وائلٍ، انتهى، وقال السهيليّ: قال أهل التفسير: نَزَلَ أولُ السورةِ بمكةَ في أبي جهلٍ، وهو الذي يكذِّبُ بالدينِ، ونزل آخرُها بالمدينةِ في عبد اللَّه بن أُبَيِّ بن سلولٍ وأصحابه، وهم الذين يُرَاؤُونَ ويَمْنَعُونَ الماعون، انتهى، "قال سعد بن أبي وقاصٍ: سألتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم عن { ٱلَّذِينَ هُمْ عَن صَلَـٰتِهِمْ سَاهُونَ }، فَقَالَ: همُ الَّذِينَ يُؤَخِّرُونَهَا عَنْ وَقْتِها" ، يريدُ ـــ واللَّه أعلم ـــ تَأْخِيرَ تَرْكٍ وإهْمَالٍ، وإلَىٰ هذَا نَحَا مجاهدٌ، وقَالَ عطاء بن يَسَارٍ: الحمدُ للَّهِ الَّذِي قَال: { عَن صَلَـٰتِهِمْ } وَلَمْ يَقُلْ: في صَلاَتِهِمْ.

وقوله تعالى: { ٱلَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ } بيانُ أنَّ صلاةَ هؤلاءِ لَيْسَتْ للَّهِ تعالى بإيمانٍ، وإنَّمَا هي رياءٌ للبشر، فلاَ قَبُولَ لها.

وقوله تعالى: { وَيَمْنَعُونَ ٱلْمَاعُونَ } وصفٌ لهم بِقِلَّةِ النفعِ لعبادِ اللَّهِ، وتلكَ شَرُّ خِصْلَةٍ، وقال عليٌّ وابن عمر: { ٱلْمَاعُونَ }: الزكاة، وقَالَ ابنُ مسعودٍ وابن عباس وجماعة: هُو مَا يَتَعَاطَاهُ النَّاسُ كَالفَأْسِ، والدَّلْوِ، والآنِيَةِ، والمقَصِّ؛ ونحوه، وسُئِلَ النبي صلى الله عليه وسلم: "مَا الشَّيْءُ الَّذِي لاَ يَحِلُّ مَنْعُهُ فَقَالَ: المَاءُ وَالنَّارُ، والمِلْحُ" ، ورَوَتْهُ عَائِشَةُ ـــ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ـــ، وفي بَعْضِ الطُّرُقِ زيادَة الإبْرَةِ، والخَمِيرِ، قال البخاريُّ: المَاعُونُ: المعروفُ كلُّه، وقال بعضُ العربِ: الماعونُ: الماءُ، وقال عكرمةُ: أعلاه الزكاةُ المفروضةُ، وأدناه عَارِيَّة المَتَاعِ، انتهى.