وقوله سبحانه: {وَكُـلاًّ نَّقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ ٱلرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ }، و«كُلاًّ» مفعولٌ مقدَّم بـــ «نَقُصُّ»، و«ما» بدلٌ من قوله: «وكُلاًّ»، و{نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ} أي: نؤنِّسك فيما تلْقَاه، ونجعل لك الإِسْوَة.
{وَجَاءَكَ فِي هَـٰذِهِ ٱلْحَقُّ} قال الحسنُ: {هَـٰذِهِ } إِشارة إِلى دار الدنيا، وقال ابن عباس: {هَـٰذِهِ }، إِشارة إِلى السورة، وهو قولُ الجمهور.
قال * ع *: ووجه تخصيص هذه السُّورة بوَصْفها بحقٍّ، والقرآن كلُّه حق أنَّ ذلك يتضمَّن معنى الوعيد للكفَرَة، والتنبيهِ للنَّاظر، أي: جاءك في هذه السورة الحَقُّ الذي أصَابَ الأُمَم الماضيةَ، وهذا كما يقالُ عند الشدائدِ: جَاءَ الحَقُّ، وإِن كان الحَقُّ يأتي في غَيْر الشدائدِ، ثم وصَف سبحانَه أنَّ ما تضمَّنته السورةُ هو موعظةٌ وذكْرَى للمؤمنينَ.
وقوله سبحانه: {وَقُل لِّلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ...} الآية: آيةُ وعيدٍ.
وقوله تعالى: {وَللَّهِ غَيْبُ ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلأَرْضِ...} الآية: أية تعظيمٍ وٱنفرادٍ بما لا حَظَّ لمخلوقِ فيهِ، ثم أمر سبحانه العَبْدَ بِعِبَادَتِهِ، والتوكُّلِ عليه، وفيهما زوالُ هَمِّهِ وصَلاَحُهُ، ووصُولُهُ إِلى رضوان اللَّه تعالى، فقال: {فَٱعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ وَمَا رَبُّكَ بِغَـٰفِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ}، اللَّهم، ٱجعلْنَا مِمَّن توكَّل عليك، ووفَّقْتَهُ لِعَبَادَتِكَ كما ترضَى، وصلَّى اللَّه على سيِّدنا محمَّد وآله وصحبه وسلَّم تسليماً، والحمد لله على جزيلِ مَا بِهِ أَنْعَمَ.