التفاسير

< >
عرض

الۤر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ
١
أَلاَّ تَعْبُدُوۤاْ إِلاَّ ٱللَّهَ إِنَّنِي لَكُمْ مِّنْهُ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ
٢
وَأَنِ ٱسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوۤاْ إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَّتَاعاً حَسَناً إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ وَإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنِّيۤ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ
٣
إِلَى ٱللَّهِ مَرْجِعُكُمْ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ
٤
-هود

الجواهر الحسان في تفسير القرآن

قوله عز وجل: { الۤر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَـٰتُهُ } أي: أتْقِنَتْ وأجيدَتْ، وبهذه الصفة كان القرآن في الأزَل، ثم فُصِّل بتقطيعه، وتَبْيين أحكامه وأوامره علَى محمَّد نبيه عليه السلام في أزمنةٍ مختلفةٍ؛ فـــ «ثُمَّ» على بابها، فالإِحْكَامُ صفةٌ ذاتية، والتفصيلُ إِنما هو بحسب من يفصَّل له، والكتابُ بأَجمعه محكَمٌ ومفَصَّل، والإِحْكَام الذي هو ضدُّ النَّسْخ، والتفصيلُ الذي هو خلافُ الإِجمال، إِنما يقالان مع ما ذَكَرناه بٱشتراك.

قال * ص *: { ثُمَّ فُصِّلَتْ }: «ثُمَّ» لترتيب الأخبار؛ لا لترتيب الوقوع في الزمان، وَ{ لَّدُنْ } بمعنى: «عند». انتهى.

قال الداووديُّ: وعن الحسن: { أُحْكِمَتْ ءايَـٰتُهُ }: قَالَ: أحكمت بالأَمْرِ والنهْي، ثم فُصِّلَتْ بالوعْدِ والوعيدِ، وعنه: فُصِّلَتْ بالثوابِ والعقابِ. انتهى. وقدَّم الـــ { نَذِيرٌ }؛ لأن التَّحذيرَ من النَّار هو الأهمُّ. { وَأَنِ ٱسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ }، أي: ٱطلبوا مغفرتَهُ؛ وذلك بطلب دُخُولكم في الإِسلام، { ثُمَّ تُوبُواْ } من الكُفْرِ { يُمَتِّعْكُم مَّتَاعًا حَسَنًا }، ووصف المَتَاع بالحُسْنِ؛ لطيب عيش المؤمن برجائِهِ في ثوابِ ربِّه، وفَرَحِهِ بالتقرُّب إِليه بأَداء مفتَرَضَاته، والسرورِ بمواعيِدِه سُبْحانه، والكافِرُ ليس في شيء مِنْ هذا، { وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ }، أي: كلَّ ذي إِحسان { فَضْلَهُ }، فيحتملُ أنْ يعود الضميرُ من «فَضْلِهِ» على «ذي فضل» أي: ثوابَ فَضْلِهِ، ويحتمل أنْ يعود على اللَّه عزَّ وجلَّ، أي: يؤتى اللَّه فضله كلَّ ذي فضلٍ وعملٍ صالحٍ من المؤمنين، ونَحْو هذا المعنى ما وعد به سبحانَهُ مِنْ تضعيف الحسنَاتِ، { وَإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ }، أي: فقُلْ: إِني أخافُ عليكم عذابَ يوم كبيرٍ، وهو يومُ القيامة.