التفاسير

< >
عرض

وَأُتْبِعُواْ فِي هَـٰذِهِ ٱلدُّنْيَا لَعْنَةً وَيَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ أَلاۤ إِنَّ عَاداً كَفَرُواْ رَبَّهُمْ أَلاَ بُعْداً لِّعَادٍ قَوْمِ هُودٍ
٦٠
وَإِلَىٰ ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحاً قَالَ يٰقَوْمِ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ مَا لَكُمْ مِّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرُهُ هُوَ أَنشَأَكُمْ مِّنَ ٱلأَرْضِ وَٱسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَٱسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوۤاْ إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُّجِيبٌ
٦١
قَالُواْ يٰصَالِحُ قَدْ كُنتَ فِينَا مَرْجُوّاً قَبْلَ هَـٰذَا أَتَنْهَانَآ أَن نَّعْبُدَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا وَإِنَّنَا لَفِي شَكٍّ مِّمَّا تَدْعُونَآ إِلَيْهِ مُرِيبٍ
٦٢
قَالَ يٰقَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِن كُنتُ عَلَىٰ بَيِّنَةً مِّن رَّبِّي وَآتَانِي مِنْهُ رَحْمَةً فَمَن يَنصُرُنِي مِنَ ٱللَّهِ إِنْ عَصَيْتُهُ فَمَا تَزِيدُونَنِي غَيْرَ تَخْسِيرٍ
٦٣
وَيٰقَوْمِ هَـٰذِهِ نَاقَةُ ٱللَّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِيۤ أَرْضِ ٱللَّهِ وَلاَ تَمَسُّوهَا بِسُوۤءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ قَرِيبٌ
٦٤
فَعَقَرُوهَا فَقَالَ تَمَتَّعُواْ فِي دَارِكُمْ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ ذٰلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ
٦٥
فَلَمَّا جَآءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا صَالِحاً وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِّنَّا وَمِنْ خِزْيِ يَوْمِئِذٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ ٱلْقَوِيُّ ٱلْعَزِيزُ
٦٦
-هود

الجواهر الحسان في تفسير القرآن

وقوله سبحانه: { وَأُتْبِعُواْ فِي هَـٰذِهِ ٱلدُّنْيَا لَعْنَةً... } الآية: حَكَمَ عليهم سبحانه بهذا؛ لموافاتهم على الكُفْر، ولا يُلْعَنُ معيَّنٌ حُيٌّ: لا مِنْ كافرٍ، ولا من فاسقٍ، ولا من بهيمةٍ، كلُّ ذلك مكروهٌ بالأحاديث.

* ت *: وتعبيره بالكراهَةِ، لعلَّه يريد التحريمَ، { وَيَوْمَ }: ظَرفٌ، ومعناه: إِن اللعنة علَيْهم في الدُّنيا، وفي يوم القيامة، ثم ذكَر العلَّة الموجِبَةَ لذلك، وهي كُفْرهم بربهم، وباقي الآية بيِّن.

وقوله عز وجل: { وَإِلَىٰ ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَـٰلِحًا... } الآية: التقديرُ: وأرسلنا إِلى ثمودَ و{ أَنشَأَكُمْ مِّنَ ٱلأَرْضِ }: أي: ٱخترعَكُمْ، وأوْجَدكم، وذلك بٱختراع آدم عليه.

وقال * ص *: { مِّنَ ٱلأَرْضِ }: لابتداءِ الغاية بٱعتبار الأصلِ المتولَّدِ منه النباتُ المتولَّدُ منه الغذاءُ المتولَّدُ منه المَنِيُّ ودَمُ الطَّمْثِ المتولَّدُ عنه الإِنسان. انتهى.

وقد نقل * ع *: في غير هذا الموضع نَحْوَ هذا، ثم أشار إِلى مرجوحيَّته، وأَنَّه داعٍ إِلى القول بالتولُّد، قال ابنُ العَرَبِيِّ في «أحكامه»: قوله تعالى: { وَٱسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا }: أي: خَلَقَكم لعمارتها، ولا يصحُّ أنْ يقال: هو طَلَبٌ من اللَّه لعمارتها؛ كما زعم بعضُ الشَّافعيَّة.

* ت *: والمفهومُ من الآية أنَّها سيقَتْ مساق ٱلامتنان عليهم. انتهى. وقولهم: { يَٰصَـٰلِحُ قَدْ كُنتَ فِينَا مَرْجُوًّا قَبْلَ هَـٰذَا }، قال جمهور المفسِّرين: معناه: مسوَّداً نؤمِّل فيك أنْ تكون سيِّداً سادًّا مسدَّ الأكابِرِ، وقولهم: { وَإِنَّنَا لَفِي شَكٍّ مِّمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ }، معنى: { مُرِيبٍ }: مُلْبِس متهم، وقوله: { أَرَءَيْتُمْ }: أي: أتدبرتم، فالرؤية قلبيَّةٌ، و{ آتَانِي مِنْهُ رَحْمَةً }، يريد: النبوَّة وما ٱنْضَافَ إِليها.

وقال * ص *: قد تقرَّر في { أَرَءَيْتُمْ }؛ أنها بمعنى أخبروني. انتهى.

والـــ { تَخْسِيرٍ } هو من الخسَارَةِ، وليس التخْسِيرُ في هذه الآية إِلا لهم، وفي حَيِّزِهم، وهذا كما تقولُ لمن تُوصِيهِ: أَنا أريدُ بكَ خَيْراً، وأَنْتَ تريدُ بي شَرًّا.

وقال * ص *: { غَيْرَ تَخْسِيرٍ }: من خَسِرَ، وهو هنا للنسبيَّةِ كـــ «فَسَّقْتُهُ وَفَجَّرْتُهُ»؛ إِذا نسبتَهُ إِليهما.

* ت *: ونقل الثعلبيّ عن الحسيْنِ بْنِ الفَضْل، قال: لم يكُنْ صَالِحٌ في خسارةٍ، حين قال: { فَمَا تَزِيدُونَنِي غَيْرَ تَخْسِيرٍ }، وإِنما المعنى: ما تزيدُونَني بما تقولُونَ إِلاَّ نسبتي إِياكم للخَسَارة، وهو مِنْ قول العرب: فَسَّقْتُهُ وَفَجَّرْتُهُ؛ إِذا نسبته إِلى الفسوق والْفُجور. انتهى. وهو حسنٌ. وباقي الآية بيِّن قد تقدَّم الكلامُ في قصصها.