التفاسير

< >
عرض

قُلْ هُوَ ٱللَّهُ أَحَدٌ
١
ٱللَّهُ ٱلصَّمَدُ
٢
لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ
٣
وَلَمْ يَكُنْ لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ
٤
-الاخلاص

الجواهر الحسان في تفسير القرآن

رُوِيَ أنَّ اليهودَ دَخَلُوا عَلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا له: يا مُحَمَّدُ؛ صِفْ لَنَا رَبَّك وانْسِبْه، فإنَّه وَصَفَ نَفْسَه في التوراةِ وَنَسَبها، فارْتَعَدَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم مِنْ قولِهِم حَتَّى خَرَّ مغشياً عليه، ونَزَلَ جبريلُ بهذهِ السورةِ.

و{ أَحَدٌ } مَعناه: وَاحدٌ فَرْدٌ مِنْ جميعِ جِهَاتِ الوَحْدَانِيَّة، لَيْسَ كَمِثْلِهِ شيءٌ و{ هُوَ } ابتداءٌ، و{ ٱللَّهُ } ابتداءٌ ثانٍ، و{ أَحَدٌ } خَبَرُه والجملةُ خَبَرُ الأوَّلِ، وقيلَ هو ابتداءُ و{ ٱللَّهُ } خبرُه و{ أَحَدٌ } بَدَلٌ منه، وَقَرَأَ عمر بن الخطابِ وغَيْرُهُ: «قُلْ هُوَ اللَّهُ الواحِدُ الصَّمَدُ» و{ ٱلصَّمَدُ } في كلامِ العربِ السيدُ الذي يُصْمَدُ إليه في الأُمُورِ وَيَسْتَقِلُّ بها وأنْشَدُوا: [الطويل]

لَقَدْ بَكَّرَ النَّاعِي بِخَيْرِ بَنِي أَسَدِبِعَمْرِو بْنِ مَسْعَودٍ وَبِالسَّيِّدِ الصَّمَدْ

وبهذا تَتَفَسَّرُ هذه الآيةُ لأَنَّ اللَّهَ تعالى ـــ جلت قدرته ـــ هُوَ مُوجِدُ المَوْجُودَاتِ وإليهِ تَصْمُدُ وبه قِوَامُها ـــ سبحانه وتعالى ـــ.

وقوله تعالى: { لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ } رَدٌّ عَلى إشارَةِ الكفارِ في النَّسَبِ الذي سأَلُوه، وقال ابن عباس: تَفَكَّروا في كلّ شَيْءٍ ولا تتفكروا في ذاتِ اللَّه، قال * ع *: لأَنَّ الأفْهَامَ تَقِفُ دونَ ذلكَ حَسِيرَةً.

وقوله سبحانه: { وَلَمْ يَكُنْ لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ } معناه ليسَ له ضِدٌّ، وَلاَ نِدٌّ ولا شبيهٌ، { { لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَىْءٌ وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْبَصِيرُ } [الشورى:11]، والكُفُؤُ النَّظِيرُ و«كفواً» خبر كان وٱسْمُهَا { أَحَدٌ }. قال * ص *: وحَسُنَ تأخيرُ اسمها لِوُقُوعِه فاصلةً، وله مُتَعَلِّقٌ بـ{ كفؤًا } أي: لَمْ يَكُنْ أحَدٌ كُفُؤاً لَهُ، وقُدَّمَ اهتماماً بِه لاِشْتِمالِهِ على ضميرِ البَارِي سبحَانه، انتهى، وفي الحديثِ الصحيحِ عنه صلى الله عليه وسلم "إنَّ { قُلْ هُوَ ٱللَّهُ أَحَدٌ } تَعْدِلُ ثُلُثَ القرآن" ، قال * ع *: لِمَا فِيهَا مِنَ التوحيدِ، ورَوَى أبو محمدٍ الدارميّ في «مسندهِ» قال: حدثنا عبد اللَّه بن مزيد حدثنا حيوة قال: أخبرنا أبو عقيل، أنه سمع سعيد بن المسيب يقول: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "مَنْ قَرَأَ: { قُلْ هُوَ ٱللَّهُ أَحَدٌ } إحْدَى عَشَرَةَ مَرَّةً بُنِيَ لهُ قصرٌ في الجنةِ، ومَنْ قَرَأَها عِشْرينَ مرةً، بُنِيَ له قَصْرَانِ في الجنةِ، ومَنْ قرأَها ثَلاثِينَ مرةً؛ بُنِيَ له ثلاثةُ قصورٍ في الجنة. فقال عمر بن الخطاب: إذَنْ تَكْثُرُ قصورُنَا يا رسولَ اللَّهِ؛ فقَال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: اللَّهُ أوْسَعُ من ذلك" [أي: فَضْلُ اللَّهِ أوْسَعُ مِنْ ذَلك]. قال الدارمي: أبو عقيل هو زهرة بن معبد، وزعموا أنه من الأبْدَالِ، انتهى من «التذكرة».