التفاسير

< >
عرض

قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ ٱلْفَلَقِ
١
مِن شَرِّ مَا خَلَقَ
٢
وَمِن شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ
٣
وَمِن شَرِّ ٱلنَّفَّاثَاتِ فِي ٱلْعُقَدِ
٤
وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ
٥
-الفلق

الجواهر الحسان في تفسير القرآن

قوله عز وجل: { قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ ٱلْفَلَقِ } الخِطَابُ للنبي صلى الله عليه وسلم والمُرَادُ هُوَ وآحادُ أمتِهِ، قَالَ ابن عباس وغيره: الفَلَقُ الصُّبْحُ، وقال ابن عباس أيضاً وجماعةٌ من الصحابة: الفلقُ جُبُّ في جَهَنَّم، ورَوَاه أبو هريرةَ عن النبي صلى الله عليه وسلم.

وقوله تعالى: { مِن شَرِّ مَا خَلَقَ } يَعُمُّ كلَّ مَوْجُودٍ له شر، واخْتُلِفَ في: «الغاسِقِ» فَقَال ابن عباس وغيره: الغَاسِقُ الليلُ وَوَقَبَ: أظْلَمَ، ودَخَل عَلى الناسِ، وفي الحديثِ الصحيح عن عائشة "أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم أشَارَ إلى القَمَرِ وقال: يا عائشة؛ تَعَوَّذِي باللَّهِ مِنْ شَرِّ هَذَا الغَاسِقِ إذَا وَقَبَ" ، قال السهيلي: وهذا أصحُّ ما قِيل لِهذَا الحديثِ الصحيحِ، انتهى، ولفظ صاحبِ «سلاحِ المؤمِنِ»: عن عائشةَ ـــ رضي اللَّه عنها ـــ "أَنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم نَظَرَ إلَى القَمَرِ، فَقَالَ: يا عائشةُ؛ اسْتَعِيذِي بِاللَّهِ مِنْ شَرِّ هَذَا فإنَّ هَذَا الغَاسِقُ إذَا وَقَبَ" ، رَوَاه الترمذيُّ والنسائي، والحاكم في «المستدرك»، واللفظُ للترمذي، وقَالَ حسنٌ صحيحٌ، وقال الحاكم: صحيحُ الإسنادِ، وَوَقَبَ القَمَر وُقُوباً: دَخَلَ في الظِّلِّ الذي يَكْسِفُه؛ قَالَه ابن سِيدَة، انتهى من «السلاح».

و{ ٱلنَّفَّـٰثَـٰتِ فِى ٱلْعُقَدِ } السَّوَاحِر، ويقال: إن الإشَارَة أوَّلاً إلى بَنَاتِ لَبِيدِ بن الأَعْصَمِ اليهودي؛ كُنَّ سَاحِرَاتٍ، وهُنَّ اللواتي سَحَرْنَ مَعَ أبيهِنَّ رَسُولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم، والنَّفْثُ شِبْهُ النَّفخِ دُونَ تَفلِ رِيقٍ، وهذا النَّفْثُ هُوَ عَلى عُقَدٍ تَعْقَدُ في خيوطٍ، ونحوِها؛ على اسْمِ المَسْحُورِ فيؤذى بذلك.

قال * ع *: وهَذَا الشَّأْنُ في زمانِنَا موجودٌ شائعٌ في صحراء المغرب، وحدَّثني ثقةٌ؛ أنه رأَىٰ عنْدَ بعضهم خيطاً أحْمَرَ قَدْ عُقِدَتْ فِيهِ عُقَدٌ عَلىٰ فُصْلاَنٍ، فَمُنِعَتْ بذلك رَضَاعَ أمهاتِها فكان إذا حَلَّ عقدةً جرَىٰ ذلك الفصيلُ إلَىٰ أُمِّه في الحِينِ، فَرَضَعَ، أعاذنا اللَّه مِنْ شَرِّ السِّحْرِ والسَّحَرَةَ.

وقوله تعالى: { وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ } قال قتادة: مِنْ شَرِّ عَيْنِهِ ونَفْسِهِ، يريد بـ«النَّفْس»: السعْيَ الخَبِيثَ، وقال الحُسَيْنُ بْنُ الفَضْلِ: ذكَر اللَّه تعالى الشُّرُور في هذه السُّورة، ثم ختمها بالحَسَدِ؛ ليعلم أنَّه أخسُّ الطَبائع.