وقوله سبحانه: {لَّقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آيَـٰتٌ لِّلسَّائِلِينَ }؛ إِذ كلُّ أحد ينبغي أنْ يسأل عن مثْلِ هذا القصص، إِذ هي مَقَرُّ العبر وٱلاتعاظ؛ وقولهم: {وَأَخُوهُ}: يريدون به «يَامينَ»، وهو أصغر من يوسُفَ، ويقال له: «بِنْيَامِينُ» قيلَ: وهو شقيقه، {أَحَبُّ إِلَى أَبِينَا مِنَّا}: أي: لصغرهما ومَوْتِ أُمهما، وهذا مِنْ حُبِّ الصغير هي فطرةُ البَشَر، وقولهم: {وَنَحْنُ عُصْبَةٌ }: أي: جماعة تضرُّ وتنفعُ، وتحمِي وتخذل، أي: لنا كَانَتْ تنبغي المحبَّة والمراعاةُ، والعُصْبَة في اللغة: الجماعةُ، وقولهم: {لَفِي ضَلَـٰلٍ مُّبِينٍ}، أي: لفي انتلافٍ وخطإٍ في محبَّة يوسُفَ وأخيه، وهذا هو معنى الضَّلال، وإِنما يصغر قَدْرُهُ، ويعظُم بحَسَبِ الشَّيء الذي فيه يَقَعُ الانتلافُ، و{مُّبِينٍ}: معناه: ظاهر للمتأمِّل، وقولهم: {أَوِ ٱطْرَحُوهُ أَرْضًا}: أي: بأرضٍ بعيدةٍ؛ فـــ «أَرْضاً» مفعولٌ ثانٍ بإِسقاط حرف الجرِّ، والضمير في «بعده» عائدٌ على يوسُفَ، أو قتلِه، أو طرحِهِ، {وصَالِحِينَ}: قال مقاتل وغيره: إِنهم أرادوا صلاَحَ الحالِ عنْد أبيهم، والقَائِلُ منهم: «لا تقتلوه» هو: «رُوبِيلُ» أسنُّهم؛ قاله قتادة وابنُ إِسحاق، وقيل: هو شَمْعُونٌ؛ قاله مجاهد، وهذا عطْفٌ منه على أخيه لا محالَةَ؛ لما أراد اللَّه من إِنفاذ قضائه، و«الغيابة»: ما غاب عنك، و{ٱلْجُبِّ} البئر التي لم تُطْوَ؛ لأنها جُبَّتْ من الأرض فقَطْ، قال المَهْدَوِيُّ: والجُبُّ؛ في اللغة: البئر المقطوعة التي لم تُطْوَ، انتهى. والـــ {سَّيَّارَةِ}: جمعُ سَيَّارٍ، وروي أن جماعةً من الأَعرابِ ٱلتقطَتْ يوسُفَ عليه السلام.