وقوله: {ٱذْهَبُواْ بِقَمِيصِي هَـٰذَا فَأَلْقُوهُ عَلَىٰ وَجْهِ أَبِي}: قال النَّقَّاش: روي أن هذا القميصَ كَانَ مِنْ ثياب الجَنَّة، كساه اللَّه إِبراهيم، ثم توارَثَهُ بنوه.
قال * ع *: هذا يحتاجُ إِلى سندٍ والظاهرُ أنه قميصُ يوسُفَ كسائر القُمُصِ، وقولُ يوسف: {يَأْتِ بَصِيرًا } فيه دليلٌ على أنَّ هذا كلَّه بوحْيٍ وإِعلامٍ مِنَ اللَّه تعالى، وروي أنَّ يعقوب وجد ريحَ يوسُفَ وبَيْنَهُ وبَيْنَ القَميصِ مسيرةُ ثمانيةِ أيامٍ؛ قاله ابن عباس، وقال: هاجَتْ ريحٌ، فحملَتْ عَرْفَه، وقول يعقوب: {إِنِّي لأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ}: مخاطبةٌ لحاضريه، فروي أنهم كانوا حَفَدَتَهُ، وقيل: كانوا بَعْضَ بنيه، وقيل: كانوا قرابتَهُ و{تُفَنِّدُونِ } معناه: تردُّون رأْيي، وتدْفَعُون في صَدْره، وهذا هو التفنيد لغة، قال مُنْذِرُ بن سَعِيدٍ: يقال: شَيْخٌ مُفَند، أيْ: قد فسد رأيه والذي يشبه أنَّ تفنيدهم ليعقوبَ؛ إِنما كان لأَنهم كانوا يعتقدون أنَّ هواه قد غَلَبَهُ في جانِبِ يوسُفَ.
وقال * [ص] *: معنى {تُفَنِّدُونِ}: تسفِّهون، انتهى، وقولهم: {إِنَّكَ لَفِي ضَلَـٰلِكَ ٱلْقَدِيمِ}: يريدون: لَفِي ٱنتلافِكَ في مَحَبَّة يوسف، وليس بالضَّلال الذي هو في العُرْف ضدُّ الرشادِ؛ لأن ذلك من الجَفَاءِ الذي لا يَسُوغُ لهم مواجَهَتِه به.
وقوله سبحانه: {فَلَمَّا أَن جَاءَ ٱلْبَشِيرُ أَلْقَاهُ عَلَىٰ وَجْهِهِ فَٱرْتَدَّ بَصِيرًا}: روي عن ابنَ عَبَّاسٍ؛ أن البشير كان يَهُوذَا؛ لأنه كان جَاءَ بِقَمِيصِ الدَّمِ و{بَصِيراً }: معناه: مُبْصراً، وروي أنه قال للبشير: على أيِّ دِينٍ تركْتَ يوسُفَ؟ قال: على الإِسلام؛ قال: الحَمْدِ للَّهِ؛ الآن كَمُلَتِ النعمة.