وقوله سبحانه: {وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي ٱلسَّمَاءِ بُرُوجًا }: «البروج»: المنازلُ، واحدها بُرْج، وسمي بذلك لظهوره؛ ومنه تَبَرُّج المرأة: ظهورُها وبدوُّها، و«حِفْظ السماء»: هو بالرجمِ بالشُّهُب؛ على ما تضمنته الأحاديثُ الصِّحاح، قال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم:
"إِنَّ الشَّيَاطِينَ تَقْرُبُ مِنَ السَّمَاءِ أَفْوَاجاً، قَالَ: فَيَنْفَرِدُ المَارِدُ مُنْها، فَيَعْلُو فَيَسْمَعُ، فَيُرْمَى بالشِّهَابِ، فَيَقُولُ لأَصْحَابِه: إِنَّهُ مِنَ الأَمْرِ كَذَا وَكَذَا، فَيَزِيدُ الشَّيَاطِينُ فِي ذَلِكَ، وَيُلْقُونَ إِلَى الكَهَنَةِ، فَيَزِيدُونَ مَعَ الكَلِمَةِ مِائَةً وَنَحْوَ هَذَا..." الحديث: «وإِلاَّ»: بمعنى: «لكِنْ»، ويظهر أن ٱلاستثناء من الحِفْظِ، وقال محمَّد بن يحيى عن أبيه: {إِلاَّ مَنِ ٱسْتَرَقَ ٱلسَّمْعَ}، فإِنها لم تُحْفَظْ منه. وقوله: {مَّوْزُونٍ }: قال الجمهور: معناه: مقدَّر محرَّر بقصدٍ وإِرادةٍ، فالوزن على هذا: مستعارٌ.
وقال ابنُ زَيْد: المراد ما يُوزَنُ حقيقةً؛ كالذهب والفضة وغَيْرِ ذلك مما يُوزَن، والـــ {مَعَـٰيِشَ }: جمع مَعِيشَة، وقوله: {وَمَن لَّسْتُمْ لَهُ بِرَٰزِقِينَ }: يحتمل أن يكون عطْفاً على {مَعَـٰيِشَ }؛ كأن اللَّه تعالى عدَّد النعم في المعايِشِ، وهي ما يؤكل ويُلْبَسُ، ثم عدَّد النعم في الحيوانِ والعَبِيدِ وغيرِ ذلك ممَّا ينتفعُ به النَّاسُ، وليس علَيْهم رِزْقُهُمْ.
وقوله تعالى: {وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ عِندَنَا خَزَائِنُهُ }.
قال ابن جُرَيْج: هو المطر خاصَّة.
قال * ع *: وينبغي أنْ يكون أعمَّ من هذا في كثيرٍ من المخلوقات.