التفاسير

< >
عرض

إِنَّمَا يَفْتَرِي ٱلْكَذِبَ ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ ٱللَّهِ وَأُوْلـٰئِكَ هُمُ ٱلْكَاذِبُونَ
١٠٥
مَن كَفَرَ بِٱللَّهِ مِن بَعْدِ إيمَانِهِ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِٱلإِيمَانِ وَلَـٰكِن مَّن شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِّنَ ٱللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ
١٠٦
-النحل

الجواهر الحسان في تفسير القرآن

وقوله سبحانه: { إِنَّمَا يَفْتَرِي ٱلْكَذِبَ }: بمعنى: إنما يكْذِبُ، وهذه مقاومةٌ للذين قالوا للنبيِّ صلى الله عليه وسلم: { { إِنَّمَا أَنتَ مُفْتَرٍ } [النحل:101، ومَنْ في قوله { مَن كَفَرَ } بدلٌ مِنْ قوله: { ٱلْكَـٰذِبُونَ }، فروي: أن قوله سبحانه: { وَأُوْلَٰـئِكَ هُمُ ٱلْكَـٰذِبُونَ } يراد به مِقْيَسُ بنُ ضَبَابَةَ وأشباهه ممَّن كان آمن، ثم ٱرتدَّ بٱختياره مِنْ غيرِ إِكراه.

وقوله سبحانه: { إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ }، أي: كبلالٍ وَعمَّارِ بنِ يَاسِرٍ وأمِّهِ وخَبَّابٍ وصُهَيْبٍ وأشباههم؛ ممَّن كان يُؤْذَى في اللَّه سبحانه، فربَّما سامَحَ بعضُهم بما أراد الكَفَّارُ من القَوْل؛ لِمَا أصابه من تَعْذيبِ الكفرة، فيروىٰ: أنَّ عَمَّار بْنَ ياسِرٍ فعَلَ ذلك، فٱستثناه الله في هذه الآية، وبقيَّة الرخْصَةِ عامَّة في الأمرْ بَعْده، "ويروى أن عمَّار بنَ ياسِرٍ شكَا إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم ما صُنعَ به مِنَ العذاب، وما سَامَحَ به من القولِ، فقال له النبيُّ صلى الله عليه وسلم: كَيْفَ تَجِدُ قَلْبَكَ قالَ: أَجدُهُ مُطْمِئَناً بالإِيمَانِ، قَالَ: فأجِبْهُمْ بِلِسَانِكَ؛ فإِنَّهُ لا يَضُرُّكَ، وإِن عادُوا فَعُدْ" .

وقوله سبحانه: { وَلَـٰكِن مَّن شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا } معناه: ٱنبسَطَ إلى الكفر بٱختياره.

* ت *: وقد ذكر * ع * هنا نَبَذاً من مسائِلِ الإِكراه، تركْتُ ذلك خشية التطويل، وإن محلُّ بسطها كُتُبُ الفقْهِ.