التفاسير

< >
عرض

وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُواْ بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِن صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِّلصَّابِرينَ
١٢٦
وَٱصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلاَّ بِٱللَّهِ وَلاَ تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلاَ تَكُ فِي ضَيْقٍ مِّمَّا يَمْكُرُونَ
١٢٧
إِنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَواْ وَّٱلَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ
١٢٨
-النحل

الجواهر الحسان في تفسير القرآن

وقوله سبحانه: { وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُواْ بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِ... } الآية: أطبق أهْل التفسير أنَّ هذه الآية مدنيَّة، نزلَتْ في شأن التمثيل بَحْمَزة وغيره في يَوْمِ أحُدِ، ووقع ذلك في «صحيحِ البخاريِّ» وغيره، وقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: "لَئِنْ أَظْفَرَنِي اللَّهُ بِهِمْ لأُمثِّلَنَّ بِثَلاَثِين " كتاب «النْحَّاس» وغيره: « بِسَبْعِينَ مِنْهُمْ »، فقال الناس: إِنْ ظفرنا، لنفعلَنَّ ولنفعَلنَّ، فنزلَتْ هذه الآية، ثم عزم على النبيِّ صلى الله عليه وسلم في الصَّبْر عن المجازاة بالتمثيل في القتلى، ويروى أنه عليه السلام قَالَ لأصحابه: "أَمَّا أنا فَأصْبِرُ كَمَا أُمِرْتُ، فَمَاذَا تَصْنَعُونَ؟ فَقَالُوا: نَصْبِرُ يَا رَسُولَ اللَّهِ كما نُدِبْنَا!!!" .

وقوله: { وَمَا صَبْرُكَ إِلاَّ بِٱللَّهِ } أي بمعونة اللَّهِ وتأييده على ذلك.

وقوله سبحانه: { وَلاَ تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ } قيل: الضمير في قوله: { عَلَيْهِمْ } يعودُ على الكُفار، أي: لا تتأسَّف عليهم أنْ لم يُسْلِمُوا، وقالتْ فرقة: بل يعودُ على القَتْلى حمزة وأصحابه الذين حَزِنَ عليهم صلى الله عليه وسلم والأولُ أصوبُ. { وَلاَ تَكُ فِي ضَيْقٍ مِّمَّا يَمْكُرُونَ } قرأ الجمهور: «في ضَيْقٍ» - بفتح الضاد -، وقرأ ابن كثير بكسر الضاد، وهما لغتان.

{ إِنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَواْ }: أي بالنصْرِ والمعونةِ، و { ٱتَّقَوْاْ } يريدُ المعاصِيَ، و{ مُّحْسِنُونَ } هم الذين يتزيَّدون فيما نُدِبَ إِليه من فِعْلِ الخَيْرِ وصلَّى اللَّهُ على سَيِّدنا محمدٍ وآله وصَحْبه وسلَّم تسليماً.