التفاسير

< >
عرض

وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَىٰ تِسْعَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ فَسْئَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ إِذْ جَآءَهُمْ فَقَالَ لَهُ فِرْعَونُ إِنِّي لأَظُنُّكَ يٰمُوسَىٰ مَسْحُوراً
١٠١
قَالَ لَقَدْ عَلِمْتَ مَآ أَنزَلَ هَـٰؤُلاۤءِ إِلاَّ رَبُّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ بَصَآئِرَ وَإِنِّي لأَظُنُّكَ يٰفِرْعَونُ مَثْبُوراً
١٠٢
فَأَرَادَ أَن يَسْتَفِزَّهُم مِّنَ ٱلأَرْضِ فَأَغْرَقْنَاهُ وَمَن مَّعَهُ جَمِيعاً
١٠٣
وَقُلْنَا مِن بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ ٱسْكُنُواْ ٱلأَرْضَ فَإِذَا جَآءَ وَعْدُ ٱلآخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفاً
١٠٤
-الإسراء

الجواهر الحسان في تفسير القرآن

وقوله سبحانه: { وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَىٰ تِسْعَ آيَـٰتٍ بَيِّنَاتٍ... } الآية: اتفق المتأوِّلون والرواةُ؛ أن الآياتِ الخَمْسَ التي في «سورة الأعراف» هي من هذه التسْعِ، وهي: الطُّوفانُ والجَرَادُ والقُمَّل والضَّفادع والَّدمُ، واختلفوا في الأربَعِ. * ت *: وفي هذا الاتفاق نظَرٌ، وَرَوَى في هذا صفوانُ بنُ عَسَّال؛ "أن يهوديًّا من يهودِ المدينةِ، قال لآخَرَ: سِرْ بِنَا إِلى هذا النبيِّ نسأله عن آياتِ موسى، فقال له الآخَرُ: لاتَقُلْ له إنَّه نَبيٌّ، فإِنه لَوْ سَمِعَها، صَارَ له أربعة أعيُنٍ، قال: فَسَارَا إِلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم فسألاه، فقال: هي لا تُشْرِكُوا باللَّه شيئاً، ولا تسرِقُوا، ولا تزنوا، ولا تقتلوا النفس التي حرم اللَّه إِلا بالحق، ولا تمشوا ببريءٍ إلى السلطان ليقتله، ولا تَسْحَرُوا، ولا تأكلوا الربا، ولا تقذفوا المُحْصَنَات، ولا تَفِرُّوا يَوْمَ الزَّحْف، وعليْكُمْ - خاصَّةَ معْشَرِ اليهودِ ألاَّ تَعْدُوا في السبت " . انتهى، وقد ذكر * ع * هذا الحديث.

وقوله سبحانه: { فَسْئَلْ بَنِي إِسْرَٰءِيلَ إِذْ جَاءَهُمْ }، أي: إِذ جاءهم موسى واختلف في قوله: { مَسْحُورًا } فقالتْ فرقة: هو مفعولٌ على بابه، وقال الطبري: هو بمعنى ساحرٍ، كما قال { { حِجَابًا مَّسْتُورًا } [الاسراء:45] وقرأ الجمهور: «لَقَدْ عِلمْتَ»، وقرأ الكسائيُّ: «لَقَدْ عَلِمْتُ» بتاء المتكلِّم مضمومةً، وهي قراءة علي بن أبي طالب وغيره، وقال: ما علم عَدُوُّ اللَّه قطُّ، وإِنما علم موسى والإِشارة بـــ { هَـؤُلاءِ } إِلى التسع.

وقوله: { بَصَائِرَ }: جمعُ بصيرةٍ، وهي الطريقةُ، أي طرائِقَ يُهْتَدَى بها، و«المثبور» المُهْلَكُ؛ قاله مجاهد، { فَأَرَادَ أَن يَسْتَفِزَّهُم مِّنَ ٱلأَرْضِ }، أي: يستخفهم ويقتلهم، والأرض هنا أرْضُ مِصْر، ومتى ذكرت الأرض عموماً، فإِنما يراد بها ما يناسب القصَّة المتكلَّم فيها، واقتضبَتْ هذه الآيةُ قصص بني إِسرائيل مع فرعون، وإِنما ذكرت عِظَمَ الأمر وخطيره، وذلك طرفاه؛ أراد فرعون غلبتهم وقتلهم، وهذا كان بَدْءَ الأمر؛ فأغرقه اللَّه وجُنُودَهُ، وهذا كان نهايةَ الأمر، ثم ذكر سبحانه أمْرَ بني إسرائيل بعد إِغراق فرَعوْنَ بسُكْنَى أرض الشامِ و{ وَعْدُ ٱلآخِرَةِ } هو يوم القيامة، «واللفيفُ» الجَمْعُ المختلطُ الذي قد لُفَّ بعضُه إِلى بعض.