التفاسير

< >
عرض

وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَآئِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ كِتَاباً يَلْقَاهُ مَنْشُوراً
١٣
ٱقْرَأْ كِتَٰبَكَ كَفَىٰ بِنَفْسِكَ ٱلْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً
١٤
مَّنِ ٱهْتَدَىٰ فَإِنَّمَا يَهْتَدي لِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّىٰ نَبْعَثَ رَسُولاً
١٥
-الإسراء

الجواهر الحسان في تفسير القرآن

وقوله سبحانه: { وَكُلَّ إِنسَـٰنٍ أَلْزَمْنَـٰهُ طَٰـئِرَهُ } قال ابن عباس: { طَٰـئِرَهُ } ما قُدِّر له وعليه، وخاطب اللَّه العربَ في هذه الآية بما تَعْرِف، وذلك أنه كان مِنْ عادتها التيمُّنُ والتشاؤم بالطَّيْر في كونها سانحةً وبارحةً، وكَثُر ذلك حتَّى فعلته بالظِّباء وحيوانِ الفَلاَ، وسمَّت ذلك كلَّه تَطَيُّراً، وكانتْ تعتقدُ أنَّ تلك الطِّيَرَةَ قاضية بما يلقى الإِنسان من خيرٍ وشرٍّ، فأخبرهم اللَّه تعالى في هذه الآية بأوجز لفظٍ، وأبلغِ إشارةٍ، أن جميع ما يلقى الإنسانُ من خير وشر قد سَبَقَ به القضاء، وألزم حظه وعمله وتكسُّبه في عنقه، وذلك في قوله عزَّ وجلَّ: { وَكُلَّ إِنْسَـٰنٍ أَلْزَمْنَـٰهُ طَـٰئِرَهُ فِي عُنُقِهِ }، فعَّبر عن الحظِّ والعمل؛ إِذ هما متلازمانِ، بالطائر؛ قاله مجاهد وقتادة: بحسب معتقد العرب في التطيُّرِ: { وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ ٱلْقِيَـٰمَةِ كِتَٰبًا يَلْقَـٰهُ مَنْشُوراً }: هذا الكتابُ هو عمل الإِنسان وخطيئاته، { ٱقْرَأْ كِتَـٰبَكَ } أي: يقال له: اقرأ كتابك، وأسند الطبريُّ عن الحسن، أنه قال: يا بْنَ آدم بُسِطَتْ لك صحيفةٌ، ووُكِلَ بك مَلَكَانِ كريمانِ؛ أحدهما عن يمينِكَ يكتُبُ حسناتِكَ، والآخر عن شمالِكَ يحفظُ سيئاتكَ، فأَمْلِلْ ما شئْتَ وأقلِلْ أو أكِثْر حتَّى إِذا مُتَّ طُوِيَتْ صحيفتُكَ فجعلَتْ في عنقك معَكَ في قَبْرك حتى تَخْرُجَ لك يوم القيامة كتاباً تلقاه منشوراً { ٱقْرَأْ كِتَـٰبَكَ كَفَىٰ بِنَفْسِكَ ٱلْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا } قد عَدَلَ واللَّه فيكَ، مَنْ جعلك حسيبَ نَفْسك.

قال * ع * فعلى هذه الألفاظِ التي ذكر الحسنُ يكون الطائرُ ما يتحصَّل مع ابْنِ آدم من عمله في قَبْره، فتأمَّل لفظه، وهذا قول ابن عباس، وقال قتادة في قوله: اقرأ كتابك: إِنه سيقرأ يومئذ من لم يكُنْ يقرأ.