التفاسير

< >
عرض

وَلاَ تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَىٰ عُنُقِكَ وَلاَ تَبْسُطْهَا كُلَّ ٱلْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَّحْسُوراً
٢٩
إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ ٱلرِّزْقَ لِمَن يَشَآءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيراً بَصِيراً
٣٠
-الإسراء

الجواهر الحسان في تفسير القرآن

وقوله سبحانه: { وَلاَ تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَىٰ عُنُقِكَ } استعارةٌ لليد المقبوضةِ عن الانفاق جملةً، واستعير لليد التي تستنفِذُ جميعَ ما عنْدها غايةَ البَسْطِ ضِدّ الغُلِّ، وكلُّ هذا في إِنفاق الخير، وأما إِنفاق الفساد، فقليله وكثيره حرامٌ، أو الملامة هنا لاحقةٌ ممن يطلب من المستحقين، فلا يجدُ ما يعطى، «والمحسورُ» الذي قد استنفدَتْ قوته، تقولُ: حَسَرْتُ البَعِيرَ؛ إِذا أتْعَبْتَهُ حتى لم تَبْقَ له قوة؛ ومنه البَصَرِ الحَسِير.

قال ابنُ العربيِّ وهذه الآية خطابٌ للنبيِّ صلى الله عليه وسلم، والمراد أمته، وكثيراً ما جاء هذا المعنى في القرآن، فإِن النبي صلى الله عليه وسلم لمَّا كان سيِّدَهم وواسطَتَهم إِلى ربِّهم، عبِّر به عنهم، على عادة العرب في ذلك. انتهى من «الأحكام»، «والحسير»: هو الكالُّ.

{ إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ ٱلرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ وَيَقْدِرُ } معنى { يَقْدِرُ } يضيِّق.

وقوله سبحانه: { إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا }، أي: يعلم مصلحة قَوْمٍ في الفقر، ومصلحةَ آخرين في الغنى.

وقال بعضُ المفسِّرين: الآية إِشارةٌ إِلى حال العرب التي كانَتْ يصلحها الفَقْرَ، وكانت إِذا شبعتْ، طَغَتْ.

* ت *: وهذا التأويلُ يَعْضُدُهُ قوله تعالى: { { وَلَوْ بَسَطَ ٱللَّهُ ٱلرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْاْ فِي ٱلأَرْضِ } [الشورى:27] ولا خصوصيَّة لذكْر العرب إِلا مِنْ حيث ضَرْبُ المَثَلَ.