التفاسير

< >
عرض

وَلاَ تَقُولَنَّ لِشَاْىءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذٰلِكَ غَداً
٢٣
إِلاَّ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُ وَٱذْكُر رَّبَّكَ إِذَا نَسِيتَ وَقُلْ عَسَىٰ أَن يَهْدِيَنِ رَبِّي لأَقْرَبَ مِنْ هَـٰذَا رَشَداً
٢٤
وَلَبِثُواْ فِي كَهْفِهِمْ ثَلاثَ مِاْئَةٍ سِنِينَ وَٱزْدَادُواْ تِسْعاً
٢٥
قُلِ ٱللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُواْ لَهُ غَيْبُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ مَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَداً
٢٦
-الكهف

الجواهر الحسان في تفسير القرآن

وقوله سبحانه: { وَلاَ تَقْولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَٰلِكَ غَداً * إِلاَّ أَن يَشَاءَ ٱللَّهُ } قد تقدَّم أن هذه الآية عتاب من اللَّه تعالى لنبيِّه حيث لم يستثْنِ، والتقدير: إِلا أنْ تقولَ إِلاَّ أنْ يشاء اللَّه أو إِلاَّ أنْ تقولَ: إِن شاء اللَّه، والمعنى: إِلا أن تذكُرَ مشيئَةَ اللَّهِ.

وقوله سبحانه: { وَٱذْكُر رَّبَّكَ إِذَا نَسِيتَ } قال ابن عباس والحسن معناه: اِلاشارة به إلى الاستثناء، أي: ولتستثْنِ بعد مدَّة إذا نسيت، أولاً لِتَخْرُجَ من جُمْلة من لم يعلِّق فعله بمشيئة اللَّه، وقال عكرمة: وٱذكر ربَّك إِذا غَضِبْتَ، وعبارة الواحِدِيِّ: { وَٱذْكُر رَّبَّكَ إِذَا نَسِيتَ }، أي: إِذا نسيتَ الاستثناء بمشيئة اللَّه، فاذكره وقُلْه إِذا تذكَّرت. ا هـــ.

وقوله سبحانه: { وَقُلْ عَسَىٰ أَن يَهْدِيَنِ رَبِّي... } الآية: الجمهورُ أنَّ هذا دعاءٌ مأمورٌ به، والمعنى: عسى أنْ يرشدني ربِّي فيما أستقبل من أمري، والآية خطابٌ للنبيِّ صلى الله عليه وسلم، وهي بعدُ تعمُّ جميع أمته.

وقال الواحديُّ: { وَقُلْ عَسَىٰ أَن يَهْدِيَنِ }، أي: يعطيني ربي الآياتِ من الدلالاتِ على النبوَّة ما يكون أقرَبَ في الرشد، وأدلَّ من قصَّة أصحاب الكهف، ثم فعل اللَّه له ذلك حيثُ آتاه علْم غَيْوب المرسَلِينَ وخَبَرَهم. انتهى.

وقوله سبحانه: { وَلَبِثُواْ فِي كَهْفِهِمْ ثَلاثَ مِاْئَةٍ سِنِينَ... } الآية: قال قتادة وغيره: الآية حكايةٌ عن بني إسرائيلُ، أنهم قالوا ذلك؛ واحتجوا بقراءة ابن مسعود وفي مُصِحفه: «وقَالُوا لَبِثُوا في كَهْفِهِمْ»، ثم أمر اللَّه نبيَّه بأن يردَّ العلْم إِليه؛ ردَّا على مقالهم وتفنيداً لهم، وقال المحقِّقون: بل قوله تعالى: { وَلَبِثُواْ فِي كَهْفِهِمْ... } الآية خبرٌ من اللَّه تعالى عن مُدَّة لبثهم، وقوله تعالى: { قُلِ ٱللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُواْ }، أي: فليزل اختلافكم أيها المخرِّصون، وظاهر قوله سبحانه: { وَٱزْدَادُواْ تِسْعًا } أنها أعوام.

وقوله سبحانه: { أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ }، أي: ما أَسْمَعَهُ سبحانه، وما أبْصَرَهُ، قال قتادة: لا أحَدَ أبْصَرُ مِنَ اللَّه، ولا أسْمَعَ.

قال * ع * وهذه عبارةٌ عن الإِدراك، ويحتملُ أن يكون المعنى: أبْصِرْ به أي: بوحيه وإِرشاده، هُدَاكَ، وحُجَجَكَ، والحَقَّ من الأمور، وأسْمِعْ به العَالَم، فتكون اللفظتان أمرين لا على وجْه التعجُّب.

وقوله سبحانه: { مَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَلِيٍّ }: الضمير في { لَهُمْ } يحتمل أنْ يرجع إِلى أهْلِ الكهْفِ، ويحتمل أنَّ يرجع إلى معاصري النبيِّ صلى الله عليه وسلم من الكُفَّار، ويكون في الآية تهديدٌ لهم.