وقوله تعالى: { وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَـٰذَا ٱلْقُرْآنِ لِلنَّاسِ مِن كُلِّ مَثَلٍ وَكَانَ ٱلإِنسَـٰنُ أَكْثَرَ شَيءٍ جَدَلاً } { ٱلإِنسَـٰنُ } هنا يراد به الجنْس، وقد استعمل صلى الله عليه وسلم الآية على العمومِ في مروره بِعَلِيٍّ لَيْلاً، وأمْرِه له بالصلاة بالليل، فقال عليٌّ: إنما أنفُسُنَا يا رَسُولِ اللَّهِ بِيَدِ اللَّهِ، أو كما قال، فخرج صلى الله عليه وسلم، وهو يضربُ فَخِذَه بيده، ويقول: { وَكَانَ ٱلإِنسَـٰنُ أَكْثَرَ شَيءٍ جَدَلاً }.
وقوله سبحانه: { وَمَا مَنَعَ ٱلنَّاسَ أَن يُؤْمِنُواْ إِذْ جَاءَهُمُ ٱلْهُدَىٰ... } الآية: { ٱلنَّاسَ }، هنا يراد بهم كفَّار عصر النبيِّ صلى الله عليه وسلم، و{ سُنَّةُ ٱلأَوَّلِينَ }، هي عذاب الأمم المذكورة في القرآن، { أَوْ يَأْتِيَهُمُ ٱلْعَذَابُ قُبُلاً }، أي: مقابلةً عياناً، والمعنى: عذاباً غير المعهود، فتظهر فائدة التقسيمِ، وقد وقَعَ ذلك بهم يَوْمَ بدرٍ، وكأنَّ حالهم تقتضي التأسُّف عليهم، وعلى ضلالهم ومصيرهم بآرائهم إِلى الخُسْران - عافانا اللَّه من ذلك -.
و{ لِيُدْحِضُواْ } معناه: يُزْهِقوا، «والدَّحَض»: الطين.
وقوله: { فَلَن يَهْتَدُواْ إِذاً }: لفظ عامٌّ يراد به الخاصُّ ممن حتم اللَّه عليه أنه لا يِؤمن، ولا يهتدي أبداً، كأبي جهل وغيره.
وقوله: { بَل لَّهُم مَّوْعِدٌ } قالت فرقة: هو أَجَلُ الموتِ، وقالت فرقة: هو عذاب الآخرة، وقال الطبري هو يَوْمَ بَدْرٍ والحَشْر.
وقوله سبحانه: { لَّن يَجِدُواْ مِن دُونِهِ مَوْئِلاً }، أي: لا يجدون عنه منجًى، يقال: وَأَلَ الرَّجُلُ يَئِلُ؛ إِذ نجا، ثم عقَّب سبحانه توعُّدهم بذكْر الأمثلة من القَرى التي نَزَلَ بها ما تُوُعِّدَ هؤلاء بمثله، و{ ٱلْقُرَىٰ }: المدن، والإِشارة إِلى عادٍ وثمود وغيرهم، وباقي الآية بيِّن.
قال * ص *: وقوله: { لَمَّا ظَلَمُواْ } في { لَمَّا ظَلَمُواْ }: إِشعارٌ بعلَّة الإِهلاك؛ وبهذا استدلَّ ابن عُصْفُور على حرفية «لَمَّا»؛ لأن الظرف لا دلالة فيها على العِلِّيَّة.