وقولهُ: {قَالَ سَلَـٰمٌ عَلَيْكَ} اختُلِف في معنى تَسْلِيمه علىٰ أَبِيهِ، فقال بعضُهم: هي تحيةُ مفارقٍ, وجوَّزوا تحيةَ الكَافِر وأَن يُبْدَأ بها.
وقال الجمهورُ: ذلك السلامُ بمعنى المُسَالمةِ، لا بمعنى التَّحِيَّة.
وقال الطبريّ: معناه أَمَنَة مِنّي لك؛ وهذا قول الجمهُورِ؛ وهم لا يَروْن ابتداءَ الكافِرِ بالسَّلاَم.
وقال النَّقَّاشُ: حليمٌ خاطب سَفِيهاً؛ كما قال تعالى:
{ وَإِذَا خَاطَبَهُمُ ٱلجَـٰهِلُونَ قَالُواْ سَلَـٰماً } [الفرقان:63]. قوله: {سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي} معناه: سأَدْعُو اللّه تعالى في أَن يَهْدِيَكَ, فيغفِرَ لك بإيمانك، ولمّا تبيَّن له أَنه عدوٌّ للَّه تبرّأَ منه.
والحِفيُّ: المهتبلُ المتلطِّف، وهذا شُكْر من إبراهيمَ لنعم اللّه تعالى عليه، ثم أَخبر إبراهيمُ عليه السلام بأَنه يعتزلهم، أَيْ: يصيرعنهم بمعْزِل, ويروى: أَنهم كانوا بأَرض كُوثَى، فرحل عليه السلام حَتَّىٰ نزل الشامَ، وفي سفرته تلك لقِي الجبَّار الَّذي أَخْدم هاجرَ... الحديثَ الصحيح بطوله، و{تَدْعُونَ} معناه: تعبدون.
وقوله: {عَسَىٰ}: تَرَجٍّ في ضمنه خَوْفٌ شديد.
وقوله سبحانه: {فَلَمَّا ٱعْتَزَلَهُمْ...} إلى آخر الآية: إخبار من اللّه تعالى لنبِيّه صلى الله عليه وسلم أَنَّه لما رَحَل إبراهيم عن بلد أَبِيه وقومه، عوّضَهُ اللّهُ تعالى من ذلك ابنَهُ إسحاق، وابنَ ٱبْنِهِ يعقوبَ - على جميعهم السلام - وجعلَ الولدَ له تَسْلِيةً، وشَدًّا لِعَضُدِهِ.
وإسحاقُ أَصغر من إسماعيل، ولما حملت هاجرِ بإسْمَاعِيل، غارَتْ سَارَةُ؛ فحملت بإسحاقِ، هكذا فيما روي.
وقوله تعالى: {وَوَهَبْنَا لَهُمْ مِّن رَّحْمَتِنَا} يريد: العِلْم، والمنزِلَة، والشَّرَف في الدنيا، والنَّعيم في الآخرة؛ كُلُّ ذلك مِنْ رَحْمة اللّه عز وجل، ولِسَانُ الصَّدْق: هو الثَّناءُ البَاقِي عليهم آخر الأَبد؛ قاله ابنُ عباس وإبراهيمُ الخليل صلى الله عليه وسلم وذريته مُعظَّمة في جميع الأُمم والمِلَل.
قال * ص *: و{كُّلاً جَعَلْنَا نَبِيّاً} أَبو البقاء: هو منصوبٌ بـ {جَعَلْنَا} انتهى.