التفاسير

< >
عرض

فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُواْ ٱلصَّلَٰوةَ وَٱتَّبَعُواْ ٱلشَّهَوَٰتِ فَسَوْفَ يَلْقَونَ غَيّاً
٥٩
إِلاَّ مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَأُوْلَـٰئِكَ يَدْخُلُونَ ٱلْجَنَّةَ وَلاَ يُظْلَمُونَ شَيْئاً
٦٠
جَنَّاتِ عَدْنٍ ٱلَّتِي وَعَدَ ٱلرَّحْمَـٰنُ عِبَادَهُ بِٱلْغَيْبِ إِنَّهُ كَانَ وَعْدُهُ مَأْتِيّاً
٦١
لاَّ يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْواً إِلاَّ سَلاَماً وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيّاً
٦٢
تِلْكَ ٱلْجَنَّةُ ٱلَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَن كَانَ تَقِيّاً
٦٣
-مريم

الجواهر الحسان في تفسير القرآن

وقوله تعالى: { فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ... } الآية، الخَلْفُ، ـــ [بسكون] اللام ـــ مُسْتعمل إذا كان الآتي مَذْمُوماً؛ هذا مشهورُ كَلامِ العَرَبِ، والمرادُ بالخلْف: مَنْ كفر وعَصَى بعدُ مِنْ بني إسرائيل، ثم يتناول معنى الآية مَنْ سِوَاهُم إلَى يوم القيامة، وإضاعة الصَّلاَةِ يكون بترْكِهَا وبجحْدِها، وبإضاعة أَوْقَاتِهَا.

وروى أَبُو دَاوُدَ الطيالسي «في مسنده» بسنده عن عُبَادَةَ بنِ الصَّامِتِ قال: قال رسولُ اللّه صلى الله عليه وسلم: "إذا أَحْسَنَ الرَّجُلُ الصَّلاَةَ، فَأَتَمَّ رُكُوعَهَا، وَسُجُودَهَا، قَالَتِ الصَّلاَةُ: حَفِظَكَ اللّهُ؛ كَمَا حَفِظْتَنِي، وَتُرْفَعُ، وإذَا أَسَاءَ الصَّلاَةَ؛ فَلَمْ يُتِمَّ رُكُوعَهَا، وَلاَ سُجُودَهَا، قَالَتِ الصَّلاَةُ: ضَيَّعَكَ اللّهُ؛ كَمَا ضَيَّعْتَنِي، وَتُلَفُّ كَمَا يُلَفُّ الثَّوْبُ الخَلقُ، فَيُضْرَبُ بِهَا وَجْهُهُ" . انتهى من «التذكرة» والشَّهَوَاتُ: عُمُومُ، والغَيُّ: الخُسْران؛ قاله ابنُ زيد.

وقد يكُونُ الغي بمعنى الضَّلاَلِ، والتقديرُ: يُلْقون جَزَاءَ الغَيِّ.

وقال عبدُ اللّه بن عمرو، وابنُ مسعودٍ: الغَيُّ: وَادٍ في جَهنَّم، وبه وَقَعَ التوعُّدُ في هذه الآية.

وقال * ص *: الغي عندهم كُلُّ شرّ؛ كما أن الرشاد كلُّ خيرٍ. [انتهى].

و { جَنَّـٰتِ عَدْنٍ }: بدلٌ من الجنَّةِ في قوله { يَدْخُلُونَ الجَنَّةَ }.

وقولُه { بِـٱلْغَيْبِ }، أيْ أخبرهم من ذلك بما غَابَ عنهم، وفي هذا مَدْحٌ لهم على سرعة إيمانهم وبدارهم إذْ لم يعاينوا، و { مَأْتِيّاً } مفعولٌ على بابه.

وقال جماعةٌ من المفسرين: هو مفعولٌ في اللفظ؛ بمعنى فاعل؛ فـ { مَأْتِيّاً } بمعنى آتٍ، وهذا بَعِيدٌ.

* ت *: بل هو الظَّاهِرُ، وعليه اعتمد * ص *.

واللَّغْوُ: السَّقْطُ من القول.

وقوله { بُكْرَةً وَعَشِيّاً } يريدُ في التقدِير.