التفاسير

< >
عرض

يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ كُلُواْ مِمَّا فِي ٱلأَرْضِ حَلاَلاً طَيِّباً وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ ٱلشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ
١٦٨
إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِٱلسُّوۤءِ وَٱلْفَحْشَآءِ وَأَن تَقُولُواْ عَلَى ٱللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ
١٦٩
وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ٱتَّبِعُوا مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ قَالُواْ بَلْ نَتَّبِعُ مَآ أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَآءَنَآ أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلاَ يَهْتَدُونَ
١٧٠
-البقرة

الجواهر الحسان في تفسير القرآن

وقوله تعالَىٰ: { يَٰـأَيُّهَا ٱلنَّاسُ كُلُواْ مِمَّا فِي ٱلأَرْضِ حَلَـٰلاً طَيِّباً... } الآية: الخطابُ عامٌّ، و «ما» بمعنى «الَّذِي»، «وحَلاَلاً»: حال من الضمير العائد علَىٰ «مَا»، و «طَيِّباً»: نعتٌ، ويصح أن يكون حالاً من الضمير في «كُلُواْ»، تقديره: مستطيبِينَ، والطَّيِّبُ عند مالك: الحلال؛ فهو هنا تأكيدٌ لاختلاف اللفظِ، وهو عند الشافعيِّ: المستَلَذُّ، ولذلك يمنع أكل الحيوان القَذِرِ.

قال الفَخْر: الحلالُ هو المباحُ الذي انحلَّتْ عقدة الحَظْر عنه، وأصله من الحَلِّ الذي هو نقيضُ العَقْد. انتهى.

و { خُطُوَٰتِ }: جمع خطوةٍ، والمعنى: النهْيُ عن اتباع الشيطان، وسلوكِ سبله، وطرائقه.

قال ابن عَبَّاس: خطواته: أَعماله، وقال غيره: آثاره.

* ع *: وكلُّ ما عدا السنَنَ والشرائعَ من البِدَعِ والمعاصِي، فهي خطواتُ الشيطان.

وعَدُوّ: يقع للمفرد والمثنَّىٰ والجمع.

{ إِنَّمَا يَأْمُرُكُم بِٱلسُّوءِ وَٱلْفَحْشَآءِ... } الآيةَ: «إِنما» ههنا: للحصر، وأمر الشيطان: إما بقوله في زَمَن الكهنة، وإِما بوَسْوسته.

و { ٱلسُّوءِ }: مصدرٌ من: سَاءَ يَسُوءُ، وهي المعاصِي، وما تسوء عاقبته، { وَٱلْفَحْشَاءِ }: قيل: الزنا، وقيل: ما تفاحَشَ ذكره، وأصل الفُحْش: قُبْحِ المنظر، ثم ٱستعملتِ اللفظة فيما يستقبحُ، والشَّرْعُ: هو الذي يُحَسِّنُ ويُقَبِّحُ، فكُّل ما نهتْ عنه الشريعةُ، فهو من الفحشاء.

و { مَا لاَ تَعْلَمُونَ }: قال الطبري: يريد: ما حرموا من البَحِيرة، والسِّائبة، ونحوها، وجعلوه شرعاً.

{ وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ }، يعني: كفَّارَ العرب، وقال ابن عبَّاس: نزلَتْ في اليهود، والألفُ في قوله سبحانه: { أَوَلَوْ كَانَ }: للاستفهامِ؛ لأن غاية الفساد في الاِلتزامِ؛ أنْ يقولوا: نتبع آباءنا، ولو كانوا لا يعقلون، فقُرِّرُوا على التزامهم هذا؛ إذ هذه حال آبائهم.

وقوةُ ألفاظ هذه الآية تُعطِي إِبْطَال التقليد، وأجمعتِ الأمَّة على إِبطاله في العقَائدِ.