وقوله تعالَىٰ: { يَٰـأَيُّهَا ٱلنَّاسُ كُلُواْ مِمَّا فِي ٱلأَرْضِ حَلَـٰلاً طَيِّباً... } الآية: الخطابُ عامٌّ، و «ما» بمعنى «الَّذِي»، «وحَلاَلاً»: حال من الضمير العائد علَىٰ «مَا»، و «طَيِّباً»: نعتٌ، ويصح أن يكون حالاً من الضمير في «كُلُواْ»، تقديره: مستطيبِينَ، والطَّيِّبُ عند مالك: الحلال؛ فهو هنا تأكيدٌ لاختلاف اللفظِ، وهو عند الشافعيِّ: المستَلَذُّ، ولذلك يمنع أكل الحيوان القَذِرِ.
قال الفَخْر: الحلالُ هو المباحُ الذي انحلَّتْ عقدة الحَظْر عنه، وأصله من الحَلِّ الذي هو نقيضُ العَقْد. انتهى.
و { خُطُوَٰتِ }: جمع خطوةٍ، والمعنى: النهْيُ عن اتباع الشيطان، وسلوكِ سبله، وطرائقه.
قال ابن عَبَّاس: خطواته: أَعماله، وقال غيره: آثاره.
* ع *: وكلُّ ما عدا السنَنَ والشرائعَ من البِدَعِ والمعاصِي، فهي خطواتُ الشيطان.
وعَدُوّ: يقع للمفرد والمثنَّىٰ والجمع.
{ إِنَّمَا يَأْمُرُكُم بِٱلسُّوءِ وَٱلْفَحْشَآءِ... } الآيةَ: «إِنما» ههنا: للحصر، وأمر الشيطان: إما بقوله في زَمَن الكهنة، وإِما بوَسْوسته.
و { ٱلسُّوءِ }: مصدرٌ من: سَاءَ يَسُوءُ، وهي المعاصِي، وما تسوء عاقبته، { وَٱلْفَحْشَاءِ }: قيل: الزنا، وقيل: ما تفاحَشَ ذكره، وأصل الفُحْش: قُبْحِ المنظر، ثم ٱستعملتِ اللفظة فيما يستقبحُ، والشَّرْعُ: هو الذي يُحَسِّنُ ويُقَبِّحُ، فكُّل ما نهتْ عنه الشريعةُ، فهو من الفحشاء.
و { مَا لاَ تَعْلَمُونَ }: قال الطبري: يريد: ما حرموا من البَحِيرة، والسِّائبة، ونحوها، وجعلوه شرعاً.
{ وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ }، يعني: كفَّارَ العرب، وقال ابن عبَّاس: نزلَتْ في اليهود، والألفُ في قوله سبحانه: { أَوَلَوْ كَانَ }: للاستفهامِ؛ لأن غاية الفساد في الاِلتزامِ؛ أنْ يقولوا: نتبع آباءنا، ولو كانوا لا يعقلون، فقُرِّرُوا على التزامهم هذا؛ إذ هذه حال آبائهم.
وقوةُ ألفاظ هذه الآية تُعطِي إِبْطَال التقليد، وأجمعتِ الأمَّة على إِبطاله في العقَائدِ.