التفاسير

< >
عرض

إِنَّهُ مَن يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِماً فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لاَ يَمُوتُ فِيهَا وَلاَ يَحْيَىٰ
٧٤
وَمَن يَأْتِهِ مُؤْمِناً قَدْ عَمِلَ ٱلصَّالِحَاتِ فَأُوْلَـٰئِكَ لَهُمُ ٱلدَّرَجَاتُ ٱلْعُلَىٰ
٧٥
جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذٰلِكَ جَزَآءُ مَن تَزَكَّىٰ
٧٦
وَلَقَدْ أَوْحَيْنَآ إِلَىٰ مُوسَىٰ أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي فَٱضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقاً فِي ٱلْبَحْرِ يَبَساً لاَّ تَخَافُ دَرَكاً وَلاَ تَخْشَىٰ
٧٧
فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ بِجُنُودِهِ فَغَشِيَهُمْ مِّنَ ٱلْيَمِّ مَا غَشِيَهُمْ
٧٨
وَأَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ وَمَا هَدَىٰ
٧٩
-طه

الجواهر الحسان في تفسير القرآن

وقوله عز وجل: { إِنَّهُ مَن يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِماً فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لاَ يَمُوتُ فِيهَا وَلاَ يَحْيَىٰ... } الآية.

قالت فرقة: هذه الآيةُ بجملتها مِنْ كلام السحرة لفرعون علىٰ جهة الموعظة له، والبيان فيما فعلُوه.

وقالتْ فرقةٌ: بلْ هي مِنْ كَلامِ اللَّه عز وجل لنبيّنَا محمدٍ صلى الله عليه وسلم تنبيهاً على قُبْح ما فعل فرعون، وحُسْنِ ما فعل السحرة، وموعظة، وتحذِيراً قد تضمنت القِصّة المذكورة مثاله.

وقوله: { لاَ يَمُوتُ فِيهَا وَلاَ يَحْيَىٰ } مختصٌّ بالكافر؛ فإنه مُعَذّب عذاباً ينتهي به إلى الموت، ثم لا يُجْهز عليه فيستريح، بل يُعاد جلده، ويجدّدُ عذابه.

وأما مَنْ يدخل النار من المؤمنين بالمعاصي، فهم قبل أن تخرجهم الشفاعةُ في غمرة قد قاربوا الموت، إلا أنّهم لا يُجْهز عليهم، ولا يجددُ عذابهم؛ فهذا فرقُ ما بينهم وبين الكفار، وفي الحديث الصحيح: "أَنَّهُمْ يُمَاتُونَ فِيهَا إمَاتَةً" ، وهذا هو معناها؛ لأنه لاَ مَوْتَ في الآخرة: و { تَزَكَّىٰ } معناه: أطاع اللَّهَ، وأخذَ بأَزْكَى الأُمور.

وقوله سبحانه: { ولَقَدْ أَوْحَيْنَا إلَىٰ مُوسَىٰ } هذا ٱستِئْنافُ إخبارٍ عن شيء من أمر موسى، وباقي الآية بيِّنٌ، وقد تقدم ذكر ما يخصها من القصص.

وقوله تعالى: { لاَ تَخَافُ دَرَكاً } أيْ: من فرعون، وجنودِهِ، { ولاَ تَخْشَىٰ } غرقاً من البحر.

وقوله { مَا غَشِيَهُمْ } إبهام أهول من النصّ؛ وهذا كقوله: { { إذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَىٰ } [النجم:16]

{ وأَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ } يريد: من أول أمره إلى هذه النهاية، { وَمَا هَدَىٰ } مقابل لقوله: { { وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلاَّ سَبِيلَ ٱلرَّشَادِ } [غافر:29].