وقوله تعالى: {وَإِذْ نَادَىٰ رَبُّكَ مُوسَىٰ} التقدير: واذكر إذ نادى ربك موسى، وسَوْقُ هذه القصة تمثيل لكفار قريش في تكذيبهم النبيَّ صلى الله عليه وسلم.
وقوله: {فَأَرْسِلْ إِلَىٰ هَـٰرُونَ} معناه: يعينني {وَلَهُم عَلَيَّ ذَنبٌ} يعني قَتْلَهُ القِبْطِيَّ.
وقوله تعالى: {كَلاَّ} رَدٌّ لقوله: {إِنِّي أَخَافُ} أي: لا تخف ذلك، وقول فرعون لموسى: {أَلَم نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيداً} هو على جهة المَنِّ عليه والاحتقار، أي: رَبَّيْنَاكَ صغيراً، ولم نقتلك في جملة مَنْ قَتَلْنَا {وَلَبِثْتَ فِينَا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ}: فمتى كان هذا الذي تدَّعِيْهِ، ثم قرره على قتل القبطي بقوله: {وَفَعَلْتَ فِعْلَتَكَ} والفَعْلَةُ - بفتح الفاء -: المَرَّةُ، وقوله: {وَأَنتَ مِنَ ٱلْكَـٰفِرِينَ} يريد: وقتلت القبطيَّ وأنت في قتلك أَباه من الكافرين؛ إذ هو نَفْسٌ لا يحلُّ قتلها؛ قاله الضَّحَّاكُ، أو يريد: وأنت من الكافرين بنعمتي في قتلك إياه؛ قاله ابن زيد؛ ويحتمل أن يريد: وأنت الآن من الكافرين بنعمتي، وكان بين خروج موسى عليه السلام حين قتل القبطي وبين رجوعه نَبِيّاً إلى فرعون ـــ أَحَدَ عَشَرَ عاماً غيرَ أشهرٍ.
وقوله: {قَالَ فَعَلْتُهَا إِذاً}: من كلام موسى عليه السلام والضميرُ في قوله: {فَعَلْتُهَا} لِقَتْلَةِ القِبْطِيِّ. وقوله: {وَأَنَا مِنَ ٱلضَّالِّينَ} قال ابن زيد: معناه: من الجاهلين بأنَّ وكزتي إياه تأتي على نفسه، وقال أبو عبيدةَ: معناه: من الناسين، ونزع بقوله:
{ أنْ تَضِلَّ إحْدَاهُمَا } [البقرة:282]، وفي قراءة ابن مسعود وابن عباس: «وأَنَا مِنَ الجَاهِلِينَ»، ويشبه أن تكون هذه القراءة على جهة التفسير، و {حُكْماً} يريد: النّبُوَّةَ وحكمتها. وقوله: {وَجَعَلَنِي مِنَ ٱلْمُرْسَلِينَ} درجة ثانية لِلنُّبُوَّةِ، فرُبَّ نبيٍّ ليس برسول.