التفاسير

< >
عرض

إِنَّ هَـٰذَا لَهُوَ ٱلْقَصَصُ ٱلْحَقُّ وَمَا مِنْ إِلَـٰهٍ إِلاَّ ٱللَّهُ وَإِنَّ ٱللَّهَ لَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ
٦٢
فَإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ بِٱلْمُفْسِدِينَ
٦٣
قُلْ يٰأَهْلَ ٱلْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَىٰ كَلِمَةٍ سَوَآءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ ٱللَّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِّن دُونِ ٱللَّهِ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُولُواْ ٱشْهَدُواْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ
٦٤
-آل عمران

الجواهر الحسان في تفسير القرآن

وقوله تعالى: { إِنَّ هَـٰذَا لَهُوَ ٱلْقَصَصُ ٱلْحَقُّ } الآية: هذا خبرٌ من اللَّه تعالَىٰ، جزمٌ مؤكَّد، فَصَل به بين المختَصِمَيْن، والإشارةُ بهذا هي إلى ما تقدَّم في أمر عيسَىٰ ـــ عليه السلام ـــ، والقصص معناه الإخبار.

وقال * ص *: { إِنَّ هَـٰذَا لَهُوَ }: هذا، إشارةً إلى القرآن. اهـــ.

واختلف المفسِّرون من المُرَاد بأهْلِ الكِتَابِ هنا.

فروى قتادةُ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم؛ أنهم يهودُ المدينَة.

وقال ابنُ زَيْدٍ وغيره: المرادُ نصارَىٰ نجران.

قال * ع *: والذي يظهر لي أنَّ الآية نزلَتْ في وَفْد نَجْرَان، لكن لفظُ الآية يعمُّهم، وسواهم من النصارَىٰ واليهود، وقد كتب النبيُّ صلى الله عليه وسلم بهذه الآية إلَىٰ هِرَقْلَ عظيمِ الرُّومِ، وكذا ينبغي أنْ يدعى بها أهل الكِتَابِ إلى يوم القيامة، «والكلمةُ» هنا؛ عند الجمهور: عبارةٌ عن الألفاظ التي تتضمَّن المعانِيَ المدعوَّ إليها، وهي ما فسر بعد ذلك، وهذا كما تسمِّي العربُ القصيدةَ «كَلِمَةً»، وقوله: { سَوَآءٍ } نعتٌ للكلمةِ، قال قتادةُ وغيره: معناه: إلى كلمةٍ عَدْلٍ، وفي مُصْحَف ابنِ مَسْعود: «إلى كلمةٍ عَدْلٍ»؛ كما فسر قتادة،

قال * ع *: والذي أقوله في لفظة { سَوَآء }: إنها ينبغي أنْ تفسَّر بتفسير خاصٍّ بها في هذا الموضِعِ، وهو أنه دعاهم إلى معانٍ، جميعُ الناسِ فيها مُسْتَوُونَ.

وقوله: { أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ ٱللَّهَ } هو في موضعِ خفضٍ على البَدَلِ مِنْ { كَلِمَة }، أو في موضعِ رفعٍ؛ بمعنى هِيَ أَلاَّ نَعْبُدَ إلاَّ اللَّه، واتخاذُ بعضهم بعضاً أرباباً هو علَىٰ مراتبَ، أشدُّها: ٱعتقادهم الألوهيَّة، وعبادتهم لهم؛ كَعُزَيْرٍ، وعيسَىٰ، ومريمَ، وأدنَىٰ ذلك: طاعتهم لأساقفتهم في كلِّ ما أَمَرُوا بِهِ مِنَ الكُفْر والمعاصِي، وٱلتزامُهم طاعتهم شرعاً.

* م *: { فَإِن تَوَلَّوْاْ }: أبو البقاءِ: تَوَلَّوْا: فعلٌ ماضٍ، ولا يجوزُ أنْ يكون التقديرُ: «تَتَوَلَّوا»؛ لفساد المعنَىٰ؛ لأنَّ قوله: { فَقُولُواْ ٱشْهَدُواْ } خطابٌ للمؤمنين، و { تَوَلَّوْاْ } للمشركينَ. اهـــ.

وقوله: { فَقُولُوا ٱشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ }: أمر بالإعلان بمخالفتهم، ومواجهتهم بذلك وإشهادهم؛ علَىٰ معنى التوبيخ والتهديد.