التفاسير

< >
عرض

وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ ٱلْحِكْمَةَ أَنِ ٱشْكُرْ للَّهِ وَمَن يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ
١٢
وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يٰبُنَيَّ لاَ تُشْرِكْ بِٱللَّهِ إِنَّ ٱلشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ
١٣
-لقمان

الجواهر الحسان في تفسير القرآن

وقوله تعالى: { وَلَقَدْ ءَاتَيْنَا لُقْمَانَ ٱلْحِكْمَةَ } اختلف في لقمان؛ هل هو نبيٌّ أو رجلٌ صالح فقط، وقال ابن عمر: سمعْت النبي صلى الله عليه وسلم يقولُ: "لَمْ يَكُنْ لُقْمَانُ نَبِيّاً؛ وَلَكِنْ كَانَ عَبْداً كَثِيرَ التَّفْكِيرِ، حَسَنَ اليَقِينِ، أَحَبَّ اللّهَ فَأَحَبَّهُ، فَمَنَّ عَلَيْهِ بِالْحِكْمَةِ وَخَيَّرَهُ فِي أَنْ يَجْعَلَهُ خَلِيفَةً؛ يَحْكُمُ بِالْحَقِّ، فَقَالَ: رَبِّ إنْ خَيَّرْتَنِي، قَبِلْتُ العَافِيَةَ، وَتَرَكْتُ البَلاَءَ، وَإنْ عَزَمْتَ عَلَيَّ، فَسَمْعاً وَطَاعَةً، فَإنَّكَ سَتَعْصِمَنِي، وَكَانَ قاضياً في بني إسرائيل نُوبِيّاً أَسْوَدَ، مشققَ الرِّجْلَيْنِ، ذا مَشَافِر" ، قاله سعيدُ بن المسيِّب وابن عباس وجماعة: وقال له رَجُلٌ ـــ كان قد رَعَىٰ معه الغنم ـــ: مَا بَلَغَ بِكَ يا لقمان مَا أَرَىٰ؟ قَالَ: صِدْقُ الحديثِ، وأداءُ الأَمانةِ، وتركِي ما لا يعنيني، وحِكَمُ لُقْمَانَ كثيرةٌ مأثُورَة.

قال ابن العربي في «أحكامه»: ورَوَى عُلماؤُنا عن مالكِ قال: قال لقمان لابنه: يا بُنَيَّ، إنَّ الناسَ قد تطاوَلَ عليهم ما يوعدون، وهم إلى الآخرةِ سِراعاً يذهبون، وإنك قد اسْتَدْبَرْت الدنيا مذ كنت، واستقبلت الآخرة مع أَنْفَاسِك، وإن داراً ستسير إليها؛ أقرب إليك من دار تخرج منها، انتهى.

وقوله: { أَنِ ٱشْكُرْ } يجوز أن تكونَ «أنْ» في مَوضعِ نصب على إسقاط حرف الجر، أي: بأنِ اشْكُرْ للَّهِ ويجوز أن تكونَ مفسِّرَةً، أي: كانت حكمتُه دائرة على الشكر للَّه، وجميع العبادات داخلةٌ في الشكر للَّه عز وجل، و { حَمِيدٌ } بمعنى: محمود، أي: هو مستحق ذلك بذاته وصفاته.