التفاسير

< >
عرض

يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ إِنَّآ أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ ٱللاَّتِيۤ آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّآ أَفَآءَ ٱللَّهُ عَلَيْكَ وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّاتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَالاَتِكَ ٱللاَّتِي هَاجَرْنَ مَعَكَ وَٱمْرَأَةً مُّؤْمِنَةً إِن وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ ٱلنَّبِيُّ أَن يَسْتَنكِحَهَا خَالِصَةً لَّكَ مِن دُونِ ٱلْمُؤْمِنِينَ قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ فِيۤ أَزْوَاجِهِـمْ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ لِكَيْلاَ يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً
٥٠
-الأحزاب

الجواهر الحسان في تفسير القرآن

وقوله تعالى: { يَٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوٰجَكَ... } الآية، ذهب ابن زيد والضحاكُ في تفسير هذه الآية إلى: أن اللّه تعالى أحل لنبيه أن يتزوجَ كل امرأة يؤتيها مَهْرَها، وأباح له كلَّ النساء بهذا الوجه، وإنما خَصَّصَ هؤلاءِ بالذكر تشريفا لهن فالآيةُ على هذا التأويلِ فيها إباحةٌ مُطلقةُ في جميع النساء، حاشى ذوات المحارم المذكور حُكْمُهُنَّ: في غير هذه الآية. ثم قال بعد هذا { تُرْجِي مَن تَشَآءُ مِنْهُنَّ } أي: من هذه الأصناف كلها، ثم تجرى الضمائرُ بعد ذلك على العُموم إلى قوله تعالى: { { وَلاَ أَن تَبَدَّلَ بِهِنَّ } [الأحزاب:52] فيجيءُ هذا الضميرُ مقطوعاً من الأول عائداً على أزواجه التسعِ فقط؛ على الخلاف في ذلك وتَأَوَّيل غير ابن زَيْدٍ في قوله: { أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوٰجَكَ } مَنْ فِي عِصْمَتِهِ ممن تَزَوَّجَها بِمَهْرٍ؛ وَأَنَّ مِلْكَ اليمينِ بَعْدُ حلالٌ؛ وأن اللّهَ أباحَ له مع المذكُوراتِ بَنَاتِ عَمِّهِ وعماتِه، وخاله، وخالاته، ممن هاجرَ معَه، والواهباتِ خَاصَّةً، فيجيءُ الأمرُ على هذا التأويل أَضْيَقَ عَلى النبي صلى الله عليه وسلم، ويؤيدُ هذَا التأويلَ ما قَالَه ابنُ عباس: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَتَزَوَّجُ في أَيِّ النِّسَاءِ شَاءَ، وَكَانَ ذَلِكَ يَشُقُّ عَلَىٰ نِسَائِهِ، فلما نَزلَتْ هذه الآيةُ، وحُرِّم عَلَيْهِ بِهَا النِّسَاءُ؛ إلاَّ مَنْ سُمِّيَ سُرَّ نِسَاؤه بذلك.

وقوله سبحانه: { وَٱمْرَأَةً مُّؤْمِنَةً إِن وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ... } الآية، قال السُّهَيْلِيُّ: ذكرَ البخاريُّ عَن عائشَة ـــ رضي اللّه عنها ـــ أنَّها قَالَتْ: كَانَتْ خَوْلَةُ بنتُ حَكِيمٍ مِن اللاتي وَهَبْنَ أنفسَهن؛ لِرَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه وسلم، فدَلَّ عَلىٰ أنهن كُنْ غَيْرَ واحدة، انتهى: وقوله: { خَالِصَةً لَّكَ } أي: هبة النساء أنفسهن خاصةٌ بك دونَ أمَّتِكَ.

قال: * ع *: ويظهرُ من لفظِ أُبَيِّ بن كَعْبِ أن معنى قوله: «خالصة لك» يُرَادُ بهِ جميعُ هذهِ الإبَاحَة؛ لأن المؤمنين لم يُبَحْ لهم الزيادةُ على أربعٍ. وقوله تعالى: { قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ فِي أَزْوٰجِهِـمْ } يريدُ هو كونَ النكاح بالولي والشاهدين، والمهر، والاقتصارَ على أربع؛ قاله قتادة ومجاهد.

وقوله: { لّكَيْ لاَ } أي: بَيِّناً هذا البيان. { لِكَيْ لاَ يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ } ويظن بك أنك قد أثمتَ عند ربّك.