وقوله تعالى: { إِنَّ ٱلَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَـٰبَ ٱللَّهِ وَأَقَامُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَأَنفَقُواْ مِمَّا رَزَقْنَـٰهُمْ... } الآية، قال مطرف بن عبد اللّه بن الشخير: هذه آية القُرَّاء.
قال * ع *: وهذا على أنْ { يَتْلُونَ } بمعنى: يقرؤون، وإنْ جَعَلناه بمعنى: يتبعون, صَحَّ معنى الآية؛ وكانت في القُرَّاء وغيرهم ممن اتصف بأوصاف الآية، وكتاب اللّه هو القرآن، وإقامةُ الصلاة، أي: بجميع شروطها، والنفقةُ هي في الصدقاتِ ووجوهِ البرِّ و { لَّن تَبُورَ } معناه: لن تَكْسَدَ. و { يَزِيدَهُم مِّن فَضْلِهِ } قالت فرقة: هو تَضْعِيفُ الحسناتِ، وقالت فرقة: هو إما النظر إلى وجه اللّه عز وجل، وإما أن يجعلَهم شَافِعينَ في غيرهم؛ كما قال:
{ { لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ ٱلْحُسْنَىٰ وَزِيَادَةٌ } [يونس:26]. وَقَدْ خَرَّجَ أبو نُعَيْمٍ بإسناده عن الثَّورِي عن شَقِيقِ
"عن عبداللّه قال: قال رَسُولُ اللّه صلى الله عليه وسلم: { لِيُوَفِّيَهُم أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُم مِّن فَضْلِهِ }" قال: أجورهم: يدخلهم الجنة، ويزيدهم من فضله: الشفاعةُ لِمَنْ وَجَبَتْ له النار ممن صنع إليه المعروف في الدنيا. وخَرَّج ابنُ مَاجَه في «سُنَنه» عن أنس بن مالك، قال: قال رَسُولُ اللّه صلى الله عليه وسلم: "يُصَفُّ النَّاسُ صُفُوفاً" . وقال ابن نُمير: أهُلُ الجَنَّةِ - فَيَمُرُّ الرَّجُلُ مِنْ أهْلِ النَّارِ عَلَى الرَّجُلُ مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ، فَيَقُولُ: يَا فُلاَنُ، أَمَا تَذْكُرُ يَوْمَ ٱسْتَسْقَيْتَنِي، فَسَقَيْتُكَ شَرْبَةً؟ قال: فَسَيَشْفَعُ لَهُ. وَيَمُرُّ الرَّجُلُ عَلَى الرَّجُلِ فَيَقُولُ: أَمَا تَذْكُرُ يَوْمَ نَاوَلْتُكَ طَهُوراً؟ فَيَشْفَعُ لَهْ»، قال ابن نُمَيْرٍ: «وَيَقُولُ: يَا فُلاَنٌ؛ أَما تَذْكُرُ يَوْمَ بعَثَتْنِي لِحَاجَةِ كَذَا وَكَذَا، فَذَهَبْتُ لَكَ؟ فَيَشْفَعُ لَهُ». وخرجه الطحاوي وابن وضاح بمعناه، انتهى من «التَّذْكِرَة».