وقوله تعالى: { وَءَايَةٌ لَّهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ فِى ٱلْفُلْكِ } الآية، ذكرَ الذريةَ لِضَعْفِهم عن السفر، فالنعمةُ فيهم أمْكَنُ، والضمير المتصل بالذريات، هو ضميرُ الجنس، كأنه قال: ذرياتُ جنسِهم أو نوعِهم؛ هذا أصح ما يتجه في هذا.
وأما معنى الآية؛ فقال ابن عباس وجماعةٌ: يريد بالذرياتِ المحمولينَ أصحابَ نوحٍ في السفينةِ، ويريد بقوله: { مِّن مِّثْلِهِ } السفن الموجودةَ في جنسِ بني آدم إلى يوم القيامة، وإيَّاها أرَادَ بقوله: { وَإِن نَّشَأْ نُغْرِقْهُمْ }، وقال مجاهدٌ وغيرُه: المراد بقوله: { أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي ٱلْفُلْكِ ٱلْمَشْحُونِ }: السفنُ الموجودةُ في بني آدم إلى يوم القيامة، ويريد بقوله: { وَخَلَقْنَا لَهُمْ مِّن مِّثْلِهِ مَا يَرْكَبُونَ } الإبلَ وسائرَ ما يُرْكَبُ؛ فتكون المماثلة في أنه مركوبٌ مُبَلِّغٌ إلى الأقطار فقط، ويعودُ قولهُ: { وَإِن نَّشَأْ نُغْرِقْهُمْ } على السفنِ الموجودةِ في الناس، والصريخُ؛ هنا بمعنى المُصْرِخِ المُغِيثِ.
وقوله تعالى: { إِلاَّ رَحْمَةً مّنَّا } قال الكسائيُّ: نصبَ { رَحْمَةً } على الاسْتِثْنَاءِ، كأنه قال: إلاَّ أَنْ نَرْحَمَهُمْ.
وقوله: { إِلَىٰ حِينٍ } يريدُ إلى آجالِهم المضروبةِ لهم، ثم ابْتَدَأَ الإخبارَ عَنْ عُتُوِّ قريشٍ بقوله: { وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ٱتَّقُواْ مَا بَيْنَ أَيْدِيكُمْ } قال قتادة ومقاتل: ما بين أيديهم: هو عذابُ الأمم الذي قد سَبَقَهُمْ في الزمن؛ وهذا هو النظرُ الجيدُ: وقال الحسنُ: خُوِّفُوا بما مضَى من ذنوبِهم؛ وبما يأتي منها، قال * ع *: وهذا نحوُ الأولِ في المعنى.