التفاسير

< >
عرض

فَٱسْتَفْتِهِمْ أَهُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَم مَّنْ خَلَقْنَآ إِنَّا خَلَقْنَاهُم مِّن طِينٍ لاَّزِبٍ
١١
بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ
١٢
وَإِذَا ذُكِّرُواْ لاَ يَذْكُرُونَ
١٣
-الصافات

الجواهر الحسان في تفسير القرآن

وقوله تعالى: { فَٱسْتَفْتِهِمْ أَهُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَم مَّنْ خَلَقْنَآ } أي: فلا يُمْكِنُهُمْ أن يقولوا إلا أنَّ خَلْقَ مَنْ سواهُم من الأمَمِ والملائِكَة، والجنِّ والسَّمواتِ والأرضِ والمشارِق والمغارِبِ وغير ذلك ـــ هو أشَدُّ مِنْ هؤلاءِ المخاطَبِينَ، وبأن الضمير في { خَلَقْنَآ } يرادُ به ما تقدم ذكره، قال مجاهد وقتادة وغيرهما: ويُؤَيِّدُه ما في مصحف ابن مسعود «أُمْ مَنْ عَدَدْنَا»؛ وكذلك قرأَ الأَعْمَشُ.

وقوله تعالى: { إِنَّا خَلَقْنَـٰهُم مِّن طِينٍ } أي: خلقُ أصلِهم وهو آدم ـــ عليه السلام ـــ، واللاّزِبُ: اللازمُ: يَلْزَمُ ما جاورَهُ ويَلْصَقُ به، وهُوَ الصَّلْصَالُ، { بَلْ عَجِبْتَ } يا محمدُ مِنْ إعْرَاضِهِم عن الحق، وقرأ حمزةُ والكسائي ـــ «بل عَجِبْتُ» بضمِ التاء ـــ؛ وذلك على أن يكونَ تَعَالَى هو المُتَعَجِّبُ ومعنَى ذَلِكَ مِن اللَّه تعالى: أنه صِفًةُ فِعْلٍ، ونحوُه قولهُ ـــ صلى الله عليه وسلم ـــ: "يَعْجَبُ اللَّهُ مِنَ الشّابِّ لَيْسَتْ لَهُ صَبْوَةٌ" فإنَّما هِي عِبَارَةٌ عَمَّا يُظْهِرُهُ اللَّه ـــ تعالى ـــ في جِانِبِ المُتَعَجَّبِ مِنْهُ من التعظيمِ أو التحقير حَتَّى يصيرَ الناسُ مُتَعَجِّبِينَ مِنه، قال الثعلبي: قال الحسينُ بن الفضل: التعجبُ من اللَّهِ إنكارُ الشيء، وتعظيمهُ؛ وهو لغة العرب، انتهى.

وقوله: { وَيَسْخَرُونَ } أي: وهمْ يَسْخَرُونَ من نُبُوَّتِكَ.