وقوله تعالى: { فَتَوَلَّ عَنْهُمْ } أمْرٌ لنبيِّهِ بالمُوَادَعَةِ، وَوَعْدٌ جَمِيلٌ، و{ حَتَّىٰ حِينٍ } قيل هو يومُ بَدْرٍ، وقِيل: يومُ القيامةِ.
وقولهُ تَعَالَىٰ: { وَأَبْصِرْهُمْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ } وَعْدٌ للنَّبي صلى الله عليه وسلم وَوَعِيدٌ لهُمْ، ثم وبَّخهم على استعجالِ العذَابِ { فَإِذَا نَزَلَ } أي: العذابُ، { بِسَاحَتِهِمْ فَسَاءَ صَبَاحُ ٱلْمُنْذَرِينَ } والساحةُ الفِنَاء، وسُوءُ الصباح: أيضاً مستعملٌ في وُرُودِ الغَارَاتِ، قلْتُ: ومنه قولُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم لَمَّا أَشْرَفَ عَلَىٰ خَيْبَرَ:
"اللَّهُ أَكْبَرُ، خَرِبَتْ خَيْبَرُ، إنَّا إذا نَزَلْنَا بِسَاحَةِ قَوْمٍ، فَسَاءَ صَبَاحُ المُنْذَرِينَ" انتهى، وقَرَأَ ابن مسعود: «فَبِئْسَ صَبَاحٌ»، والعزة في قولهِ: { رَبِّ ٱلْعِزَّةِ } هي العزة المَخْلُوقَةُ الكائِنَةُ للأنبياءِ والمؤمِنينَ؛ وكذلك قال الفقهاءُ مِنْ أجْلِ أنَّها مَرْبُوبَةٌ؛ قال محمدُ بن سُحْنُونَ وغيره: مَنْ حَلَفَ بعزَّةِ اللَّهِ، فَإنْ كَانَ أرادَ صِفَتَهُ الذَّاتِيَّةَ، فَهِي يَمينٌ، وإنْ كَانَ أَرَادَ عِزَّتَهُ الَّتِي خَلَقَ بَيْنَ عِبَادِهِ، وَهي الَّتِي في قَوْلِه: { رَبِّ ٱلْعِزَّةِ } فَلَيْسَتْ بَيَمِينٍ، ورُوِيَ عَن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنَّه قال: "إذا سَلَّمْتُمْ عَليّ، فَسَلِّمُوا عَلَى المُرْسَلِينَ؛ فإنَّما أَنَا أحَدُهُمْ" صلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَعَلَى آله وعَلَىٰ جميع النبيِّين وسلَّم.