التفاسير

< >
عرض

أَذَلِكَ خَيْرٌ نُّزُلاً أَمْ شَجَرَةُ ٱلزَّقُّومِ
٦٢
إِنَّا جَعَلْنَاهَا فِتْنَةً لِّلظَّالِمِينَ
٦٣
إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِيۤ أَصْلِ ٱلْجَحِيمِ
٦٤
طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُءُوسُ ٱلشَّيَاطِينِ
٦٥
فَإِنَّهُمْ لآكِلُونَ مِنْهَا فَمَالِئُونَ مِنْهَا ٱلْبُطُونَ
٦٦
ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْهَا لَشَوْباً مِنْ حَمِيمٍ
٦٧
ثُمَّ إِنَّ مَرْجِعَهُمْ لإِلَى ٱلْجَحِيمِ
٦٨
إِنَّهُمْ أَلْفَوْاْ آبَآءَهُمْ ضَآلِّينَ
٦٩
فَهُمْ عَلَىٰ آثَارِهِمْ يُهْرَعُونَ
٧٠
وَلَقَدْ ضَلَّ قَبْلَهُمْ أَكْثَرُ ٱلأَوَّلِينَ
٧١
وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا فِيهِمْ مُّنذِرِينَ
٧٢
-الصافات

الجواهر الحسان في تفسير القرآن

وقولُهُ تَعالَىٰ: { أَذَٰلِكَ خَيْرٌ نُّزُلاً أَمْ شَجَرَةُ ٱلزَّقُّومِ } المرادُ بالآية: تقريرُ قريشٍ والكفارِ، قال * ع *: وفي بعض البلادِ الجَدْبَةِ المجاورةِ للصَّحَارَى ـــ شجرةٌ مُرَّةٌ مَسْمُومَةٌ لَهَا لَبَنٌ، إنْ مَسَّ جِسْمَ أَحَدٍ؛ تَوَرَّمَ وَمَاتَ مِنْهُ في أغلب الأمْرِ؛ تُسَمَّى شجَرَةَ الزَّقُّومِ، والتَّزَقُّمُ في كَلاَمِ العَرَب: البَلْعُ عَلَى شِدَّةٍ وَجَهْدٍ.

وقوله تعالى: { إِنَّا جَعَلْنَـٰهَا فِتْنَةً لِّلظَّـٰلِمِينَ } قال قتادة ومجاهد والسُّدِّيُّ: يريد أبا جهل ونظراءه، وقد تقدم بيانُ ذلك.

وقوله تعالى: { كَأَنَّهُ رُءُوسُ ٱلشَّيـٰطِينِ } اخْتَلَفَ في معناه؛ فقالت فرقة: شَبَّهَ طَلْعَها بثَمَرِ شَجَرَةٍ مَعْرُوفَةٍ يقالُ لَها «رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ»، وهي بناحِيَةِ اليَمَنِ، يقال لها: «الأَسْتَنُ»، وقالت فرقة: شَبَّهَ برُؤُوسِ صِنْفٍ منَ الحيَّاتِ يُقَالُ لها «الشَّياطِين»، وهي ذواتُ أعْرَافٍ، وقالت فرقة: شَبَّه بما اسْتَقَر في النُّفُوسِ مِنْ كَرَاهَةِ رؤوس الشياطين وقُبْحِهَا؛ وإنْ كانَتْ لاَ تُرَى؛ لأن الناسَ إذا وصفوا شَيْئاً بِغَايَةِ القُبْحِ قَالوا: كأنَّه شَيْطَانٌ؛ ونَحوُ هذا قولُ امْرِىءِ القيس:

أَيَقْتُلُنِي وَالمَشْرَفِيُّ مُضَاجِعِيوَمَسْنُونَةٌ زُرْقٌ كَأَنْيَابِ أَغْوَالِ

فإنَّما شَبَّه بما استقر في النفوس من هيئتها، والشَّوْبُ: المِزَاجُ والخَلْطُ؛ قاله ابن عباس وقتادة، والحميم: السُّخْنُ جِدًّا مِن الماء؛ ونحوِهِ، فيريدُ به ههنا شَرَابَهُمْ الذي هو طِينةُ الخَبَالِ صَدِيدُهُمْ وَمَا يَنْماعُ مِنْهُمْ؛ هذا قولُ جماعةٍ من المفسرين.

وقوله تعالى: { ثُمَّ إِنَّ مَرْجِعَهُمْ لإِلَى ٱلْجَحِيمِ } كقوله تعالى: { { يَطُوفُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ حَمِيمٍ ءَانٍ } } [الرحمن:44] وقوله سبحانه: { إِنَّهُمْ أَلْفَوْاْ ءَابَاءَهُمْ... } الآيةُ، تمثيلٌ لقريشٍ و{ يُهْرَعُونَ } معناه: يُسْرِعُونَ؛ قاله قتادة وغيره، وهذا تَكَسُّبُهُمْ للكفرِ وحِرْصُهم عليه.