وقوله تعالى: { فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن كَذَبَ علَى ٱللَّهِ... } الآية، الإِشارةُ بهذا الكذبِ إلى قولهم: «إن للَّه صاحبةً وولداً» وقولِهِمْ: هذا حلالٌ، وهذا حرامٌ، افتراءً على اللَّه، ونحوَ ذلك، وكذَّبُوا أيضاً بالصِّدْقِ، وذلك تكذيبُهم بما جاءَ به محمدٌ صلى الله عليه وسلم، ثم توعَّدَهم سبحانه تَوَعُّداً فيه احتقارُهم بقوله: { أَلَيْسَ فِى جَهَنَّمَ مَثْوًى لّلْكَـٰفِرِينَ } وقرأ ابن مسعود: «والَّذِينَ جَاءُوا بِالصِّدْقِ وَصَدَّقُوا بِهِ» والصدقُ هنا القرآن والشَّرْعُ بجُمْلَتِهِ؛ وقالتْ فرقةٌ «الذي» يراد بِهِ: «الذين»، وحُذِفَتِ النونُ، قال * ع *: وهذا غيرُ جَيِّدٍ وَترْكِيبُ «جاء» عليه يَرُدُّ ذلك، بل «الذي» ههنا هي للجنس، والآيةُ مُعَادِلة لقولهِ: { فَمَنْ أَظْلَمُ }. قال قتادة وغَيْرُهُ: الذي جاء بالصِّدْقِ هو محمَّدُ ـــ عليه السلام ـــ والَّذي صَدَّقَ به همُ المؤمنونَ؛ وهذا أَصْوَبُ الأقوالِ، وذَهَبَ قومٌ إلى أن الذي صدَّقَ به أبو بكرٍ، وقيل: عليٌّ وتَعْمِيمُ اللفظ أَصْوَبُ.
وقولهُ سبحانه: { أُوْلَـئِكَ هُمُ ٱلْمُتَّقُونَ } قال ابن عبَّاس: اتَّقَوُا الشِّرْكَ.
وقوله تعالى: { لِيُكَـفِّرَ } يحتملُ أن يَتَعَلَّقَ بقوله: { ٱلْمُحْسِنِينَ } أي: الذين أحسنوا، لكَيْ يُكَفِّرَ؛ وقاله ابن زيد، ويحتملُ أن يتعلَّقَ بفعلٍ مُضْمَرٍ مَقْطُوعٍ مما قَبْلَهُ؛ تقديرهُ: يَسَّرَهُمُ اللَّهُ لذلكَ؛ لِيُكَفِّرَ، لأنَّ التَّكْفِيرَ لاَ يكونُ إلا بَعْدَ التَّيْسِيرِ لِلْخَيْرِ.