التفاسير

< >
عرض

يُوصِيكُمُ ٱللَّهُ فِيۤ أَوْلَٰدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ ٱلأُنْثَيَيْنِ فَإِن كُنَّ نِسَآءً فَوْقَ ٱثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِن كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا ٱلنِّصْفُ وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا ٱلسُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِن كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِن لَّمْ يَكُنْ لَّهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلأُمِّهِ ٱلثُّلُثُ فَإِن كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلأُمِّهِ ٱلسُّدُسُ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَآ أَوْ دَيْنٍ آبَآؤُكُمْ وَأَبناؤُكُمْ لاَ تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعاً فَرِيضَةً مِّنَ ٱللَّهِ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلِيماً حَكِيماً
١١
-النساء

الجواهر الحسان في تفسير القرآن

وقوله تعالى: { يُوصِيكُمُ ٱللَّهُ فِي أَوْلَـٰدِكُمْ... } الآية: تتضمَّن الفرضَ والوُجُوبَ، قيل: نَزَلَتْ بسبب بنَاتِ سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ.

وقيل: بسبب جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّه.

وقوله: { لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِ ٱلأُنثَيَيْنِ } أي: حظ مثل حظ الأنثيين.

وقوله: { فَوْقَ ٱثْنَتَيْنِ }، معناه: اثنتين فَمَا فَوْقَهما تَقْتَضِي ذلكَ قُوَّةُ الكلامِ، وأما الوقوفُ مع اللفظ، فيسقطُ معه النصُّ على الاثنتين، ويثبت الثُّلُثَانِ لهما؛ بالإجماع، ولم يحفظْ فيه خلاف إلاَّ ما رُوِيَ عن ابْن عَبَّاس؛ أنه يَرَىٰ لهما النِّصْفَ، ويثبت لهما أيضًا ذلك بالقياسِ على الأختَيْنِ؛ وبحديث التِّرْمِذِيِّ؛ «أنَّ رسُولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم قَضَىٰ لِلابْنَتَيْنِ بِالثُّلُثَيْنِ».

وقوله سبحانه: { فَإِن لَّمْ يَكُنْ لَّهُ وَلَدٌ }: المعنى: ولاَ وَلَدُ وَلَدٍ، ذكَراً كان أو أُنْثَىٰ، { فَلأُمِّهِ ٱلثُّلُثُ }، أي: وللأبِ الثُّلُثَانِ.

وقوله تعالى: { فَإِن كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلأُمِّهِ ٱلسُّدُسُ }، أي: كانوا أشقَّاء أو للأب أو للأم، والإجماعُ علَىٰ أنهم لا يأخُذُونَ السُّدُسَ الذي يحجبون الأمَّ عنه؛ وكذا أجْمَعُوا علَىٰ أنَّ أخَوَيْنِ فصاعدًا يحجُبُون الأمَّ عنه إلاَّ ما رُوِيَ عنِ ابْنِ عَبَّاس؛ مِنْ أنَّ الأخوَيْنِ في حُكْمِ الواحد.

وقدَّم الوصيةَ في اللفظ؛ ٱهتماماً بها، وندباً إليها؛ إذ هي أقلُّ لزوماً من الدَّيْن؛ وأيضاً: قدَّمها لأنَّ الشرع قد حضَّ عليها فلا بُدَّ منها، والدَّيْنُ قد يكُونُ وقَدْ لا يكُونُ؛ وأيضاً: قدَّمها إذْ هي حظُّ مساكينَ وضِعَافٍ، وأخَّر الدَّيْن؛ لأنه حقُّ غريمٍ يَطْلُبه بقوَّة، وله فيه مقالٌ، وأجمعَ العلماءُ على أنَّ الدَّيْن مقدَّم على الوصيَّة، والإجماعُ علَىٰ أنه لا يُوصَىٰ بأكْثَرَ مِنَ الثلث، وٱستَحَبَّ كثيرٌ منهم أَلاَّ يبلغ الثلث.

وقوله تعالى: { ءَبَآؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ } رفْعٌ بالابتداء، والخَبَرُ مضمرٌ، تقديره: هم المَقْسُوم عليهم، أو هم المُعْطُونَ، وهذا عَرْضٌ للحكمة في ذلك، وتأنيسٌ للعرب الَّذين كانُوا يورِّثون علَىٰ غير هذه الصِّفَة.

قال ابن زَيْد: { لاَ تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعاً }، يعني: في الدنيا والآخرة، قال الفَخْر: وفي الآية إشارةٌ إلى الانقيادِ إلى الشَّرْعَ، وتَرْكِ ما يَميلُ إليه الطَّبْع. انتهى.