التفاسير

< >
عرض

إِنَّ ٱلَّذِينَ ٱرْتَدُّواْ عَلَىٰ أَدْبَارِهِمْ مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ ٱلْهُدَى ٱلشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَىٰ لَهُمْ
٢٥
ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُواْ لِلَّذِينَ كَرِهُواْ مَا نَزَّلَ ٱللَّهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ ٱلأَمْرِ وَٱللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرَارَهُمْ
٢٦
فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمُ ٱلْمَلاَئِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ
٢٧
ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ ٱتَّبَعُواْ مَآ أَسْخَطَ ٱللَّهَ وَكَرِهُواْ رِضْوَٰنَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَٰلَهُمْ
٢٨
أَمْ حَسِبَ ٱلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَّرَضٌ أَن لَّن يُخْرِجَ ٱللَّهُ أَضْغَانَهُمْ
٢٩
-محمد

الجواهر الحسان في تفسير القرآن

وقوله تعالى: { إِنَّ ٱلَّذِينَ ٱرْتَدُّواْ عَلَىٰ أَدْبَـٰرِهِم... } الآية: قال قتادة: نزلَتْ في قَوْمٍ من اليهود، وقال ابن عباس وغيره: نَزَلَتْ في منافقين كانوا أَسْلَمُوا، ثم نافَقَتْ قُلُوبُهُم، والآيةُ تَعُمُّ كُلَّ مَنْ دخل في ضمن لفظها غَابِرَ الدَّهْرِ، و{ سَوَّلَ } معناه: رجَّاهم سؤلهم وأمانِيهم، ونقل أبو الفتح عن بعضهم؛ أَنَّهُ بمعنَىٰ دلاَّهم مأخوذٌ من السَّوَلِ، وهو الاسترخاء والتَّدَلِّي، وقال العراقيُّ { سَوَّلَ } أي: زَيَّنَ سُوءَ الفعل.

وقوله تعالى: { ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُواْ لِلَّذِينَ كَرِهُواْ... } الآية، قيل: إنَّها نزلت في بني إسرائيل الذين تقدَّم ذِكْرُهم الآن، ورُوِيَ أَنَّ قوماً من قُرَيْظَةَ والنَّضِيرِ كانوا يَعِدُونَ المنافقين في أمْرِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم والخلافِ علَيْهِ بنَصْرٍ ومؤازرةٍ؛ فذلك قولهم: { سَنُطِيعُكُمْ فِى بَعْضِ ٱلأَمْرِ } وقرأ الجمهور: «أَسْرَارَهُمْ» ـــ بفتح الهمزة ـــ، وقرأ حمزة والكسائيُّ وحفص: «إسْرَارَهُمْ» ـــ بكسرها ـــ.

وقوله سبحانه: { فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمُ ٱلْمَلَـٰئِكَةُ } يَعْنِي: مَلَكَ المَوْتِ وأعوانه، والضمير في { يَضْرِبُونَ } للملائكة، وفي نحو هذا أحاديثُ تقتضي صفة الحالِ، و{ مَا * أَسْخَطَ ٱللَّهَ }: هو الكفر، والرِّضْوَانُ: هنا الحَقُّ والشَّرْعُ المُؤَدِّي إلى الرضوان.

وقوله سبحانه: { أَمْ حَسِبَ ٱلَّذِينَ فِى قُلُوبِهِمْ مَّرَضٌ... } الآية، توبيخٍ للمنافقين وَفَضْحٌ لسرائرهم، والضِّغْنُ: الحقد، وقال البخاريُّ: قال ابن عباس: «أَضْغَانَهُمْ» حَسَدَهُمْ، انتهى.