التفاسير

< >
عرض

إِنَّمَا ٱلْحَيَٰوةُ ٱلدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَإِن تُؤْمِنُواْ وَتَتَّقُواْ يُؤْتِكُمْ أُجُورَكُمْ وَلاَ يَسْأَلْكُمْ أَمْوَٰلَكُمْ
٣٦
إِن يَسْأَلْكُمُوهَا فَيُحْفِكُمْ تَبْخَلُواْ وَيُخْرِجْ أَضْغَانَكُمْ
٣٧
هَا أَنتُمْ هَـٰؤُلاَءِ تُدْعَوْنَ لِتُنفِقُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ فَمِنكُم مَّن يَبْخَلُ وَمَن يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَن نَّفْسِهِ وَٱللَّهُ ٱلْغَنِيُّ وَأَنتُمُ ٱلْفُقَرَآءُ وَإِن تَتَوَلَّوْاْ يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لاَ يَكُونُوۤاْ أَمْثَالَكُم
٣٨
-محمد

الجواهر الحسان في تفسير القرآن

وقوله سبحانه: { إِنَّمَا ٱلْحَيَوٰةُ ٱلدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ } تحقير لأمر الدنيا.

وقوله: { وَإِن تُؤْمِنُواْ وَتَتَّقُواْ يُؤْتِكُمْ أُجُورَكُمْ } معناه: هذا هو المطلوب منكم، لا غيره؛ لا تُسْأَلُون أموالكم، ثم قال سبحانهُ مُنَبِّهاً على خُلق ابن آدم: { إِن يَسْـئَلْكُمُوهَا فَيُحْفِكُمْ تَبْخَلُواْ } والإحفاء هو أشدُّ السؤال، وهو الذي يَسْتَخْرِجُ ما عند المسؤول كرهاً.

* ت *: وقال الثعلبيُّ:«فيحفكم» أي: يجهدكم ويلحف عليكم.

وقوله: «تبخلوا» جزماً على جواب الشرط «ويخرج أضغانكم» أي: يخرج اللَّه أضغانكم، وقرأ يعقوب: «وَنُخْرِجْ» بالنون، والأضغان: مُعْتَقَدَاتُ السوء، وهو الذي كان يخاف أنْ يعترِيَ المسلمين، ثم وقف اللَّه تعالى عباده المؤمنين على جهة التوبيخ لبعضهم بقوله: { هَـأَنْتُمْ هَـؤُلاءِ } وكرر «هاء» التنبيه؛ تأكيداً.

وقوله تعالى: { وَمَن يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَن نَّفْسِهِ } أي: بالثواب { وَٱللَّهُ ٱلْغَنِىُّ } أي: عن صدقاتكم { وَأَنتُمُ ٱلْفُقَرَاءُ } إلى ثوابها.

* ت *: هذا لفظ الثعلبيِّ، قال * ع *: يقال: بَخِلْتُ عليك بكذا، وبخلت عنك بمعنى أمسكت عنك، وروى التِّرْمِذِيُّ عن أبي هريرةَ عن النَّبِيِّ ـــ صلى الله عليه وسلم ـــ قال: "السَّخِيُّ قَرِيبٌ مِنَ اللَّهِ، قَرِيبٌ مِنَ الجَنَّةِ، قَرِيبٌ مِنْ النَّاسِ، بَعِيدٌ مِنَ النَّارِ، وَالْبَخِيلُ بَعِيدٌ مِنَ اللَّهِ، بَعِيدٌ مِنَ الجَنَّةِ، بَعِيدٌ مِنَ النَّاسِ، قَرِيبٌ مِنَ النَّارِ، وَلَجَاهِلٌ سَخِيٌّ أَحَبُّ إلَى اللَّهِ مِنْ عَابِدٍ بَخِيلٍ" ، قال أبو عيسى: هذا حديث حسن. غريب، انتهى.

وقوله سبحانه: { وَإنْ تَتَولَّوا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ } قالت فرقة: هذا الخطاب لجميعِ المسلمين والمشركين والعرب حينئذٍ، والقوم الغير هم فارس، وروى أبو هريرةَ أَنَّ النبيَّ ـــ صلى الله عليه وسلم ـــ سُئِلَ عَنْ هٰذَا وَكَانَ سَلْمَانُ إلَى جَنْبِهِ فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى فَخِذِهِ وَقَالَ: "قَوْمُ هَذَا؛ لَوْ كَانَ الدِّينُ في الثُّرَيَّا لَنَالَهُ رِجَالٌ مِنْ أَهْلِ فَارِسَ" .

وقوله سبحانه: { ثُمَّ لاَ يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ } معناه: في الخلاف والتوَلى والبُخْلِ بالأموال ونحوِ هذا، وحكى الثعلبيُّ قولاً أَنَّ القوم الغير هم الملائكة.

* ت *: وليس لأحد مع الحديث: إذا صَحَّ نظر، ولولا الحديثُ لاحتمل أن يكون الغير ما يأتي من الخَلَفِ بعد ذهاب السَّلَفِ، على ما ذكر في غير هذا الموضع.