التفاسير

< >
عرض

وَقَالَتِ ٱلْيَهُودُ وَٱلنَّصَٰرَىٰ نَحْنُ أَبْنَٰؤُاْ ٱللَّهِ وَأَحِبَّٰؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُم بِذُنُوبِكُم بَلْ أَنتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ يَغْفِرُ لِمَن يَشَآءُ وَيُعَذِّبُ مَن يَشَآءُ وَللَّهِ مُلْكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَإِلَيْهِ ٱلْمَصِيرُ
١٨
-المائدة

الجواهر الحسان في تفسير القرآن

وقوله سبحانه: { وَقَالَتِ ٱلْيَهُودُ وَٱلنَّصَـٰرَىٰ نَحْنُ أَبْنَـٰؤُاْ ٱللَّهِ وَأَحِبَّـٰؤُهُ... } الآية: البُنُوَّة؛ في قولهم هذا: بنوةُ الحَنَانِ والرأفة، لأنهم ذكروا أن اللَّه سبحانه أوحَىٰ إلى إسرائيل؛ أن أول أولادك بِكْرِي؛ فضلُّوا بذلك، وقالوا: { نَحْنُ أَبْنَـٰؤُاْ ٱللَّهِ وَأَحِبَّـٰؤُهُ }، ولو صح ما رَوَوْا، لكان معناه: بِكْراً في التشريف أو النبوَّة، ونحوه، وكانت هذه المقالة منهم عندما دعاهم النبيُّ ـــ عليه السلام ـــ إلى الإيمان به، وخوفهم العذابَ، فقالوا: نحن لا نخافُ ما تقول؛ لأنا أبناء اللَّه وأحبَّاؤه؛ ذكر ذلك ابن عباس، وقد كانوا قالوا للنبيِّ صلى الله عليه وسلم في غير ما موطنٍ: نحن نَدْخل النار، فنقيم فيها أربعين يوماً، فردَّ اللَّه عليهم قولهم، فقال لنبيه ـــ عليه السلام ـــ: { قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُم بِذُنُوبِكُم }: أي: لو كانتْ منزلتكم منه فوق منازِلِ البَشَر، لَمَا عذَّبكم، وأنتم قد أقررتم أنه يعذِّبكم، ثم ترك الكلامَ الأوَّل، وأضرب عنه غَيْرَ مفسدٍ له، ودخل في غيره، فقال: بَلْ أنتم بشَرٌ كسائر الناسِ، والخلقُ أكرمُهم عند اللَّه أتقاهم، يهدي من يشاء للإيمان، فيغفرُ له ويُورِّطُ من يشاء في الكُفْر، فيعذِّبه، وله ملك السموات والأرض وما بينهما، فله بحق المُلْك أنْ يفعل ما يشاء، ولا معقِّب لحُكْمه، وإليه مصير العباد بالحشر والمعاد.