وقوله سبحانه: { أَفَعَيِينَا } توقيف للكفار، وتوبيخ، والخلق الأَوَّلُ: إنشاء الإنسان من نُطْفَةٍ على التدريج المعلوم، وقال الحسن: الخلق الأول: آدم، واللَّبْسُ: الشَّكُّ والريب، واختلاط النظر، والخَلْقُ الجديد: البعث من القبور.
وقوله سبحانه: { وَلَقَدْ خَلَقْنَا ٱلإِنْسَـٰنَ... } الآية: الإنسان: اسم جنس، و{ تُوَسْوِسُ } معناه: تتحدث في فكرتها، والوسوسةُ إنَّما تُسْتَعْمَلُ في غير الخير.
وقوله تعالى: { وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ ٱلْوَرِيدِ }: عبارة عن قُدْرَةِ اللَّه على العبد، وكونُ العبد في قبضة القدرة والعلم قد أُحِيط به، فالقرب هو بالقدرة والسُّلطان، إذ لا يَنْحَجِبُ عن علم اللَّه لا باطنٌ ولا ظاهر، والوريد: عرق كبير في العُنُقِ، ويقال: إنَّهما وريدان عن يمين وشمال.
وأَمَّا قوله تعالى: { إِذْ يَتَلَقَّى ٱلْمُتَلَقِّيَانِ } فقال المفسرون: العامل في إذ { أَقْرَبُ } ويحتمل عندي أَنْ يكون العاملُ فيه فعلاً مُضْمَراً تقديره: اذكر إذ يتلقى المتلقيان، و{ ٱلْمُتَلَقِّيَانِ }: المَلَكَانِ المُوَكَّلان بكل إنسان، مَلَكُ اليمين الذي يكتب الحسناتِ، وملك الشمال الذي يكتب السيِّئات؛ قال الحسن: الحَفَظَةُ أربعة: اثنان بالنهار، واثنان بالليل، قال * ع *: ويؤيد ذلك الحديث الصحيح:
"يَتَعَاقَبُونَ فِيكُمْ، مَلاَئِكَةٌ بِاللَّيْلِ وَمَلاَئِكَةٌ بِالنَّهَارِ" الحديث بكماله، ويُرْوَى أَنَّ مَلَك اليمين أمير على ملك الشمال، وأَنَّ العبد إذا أَذنب يقول ملك اليمين للآخر: تَثَبَّتْ؛ لَعَلَّهُ يتوبُ؛ رواه إبراهيم التيمي، وسفيان الثوري، و{ قَعِيدٌ }: معناه قاعد